لاستماع الخطبة والذكر، وفيه دليل على أن الاستناد يوم الجمعة في ذلك المقام مكروه؛ لأنه بعلة الاحتباء إذا كثر. وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يجلس محتبياً، ولعله كان لعذر.
ولحو أحدث واحد فليأخذ بأنفه ولينصرف، لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف"، وهذا ليوهم القوم أن به رعافاً وفي هذا بيان الأدب في ستر العورة
وإخفاء الأمر القبيح، والتورية بما هو أحسن، ولا يدخل هذا في باب الكذب والرياء، وإنما هو في باب التجمل واستعمال الحياء.
فرع
قال أصحابنا: الأفضل للمقصورة على غيرها لأنها شيء محدث، وأول من أحدثها معاوية رضي الله عنه والاختيار للصف الأول من غير تخصيص.
مسألة: قال: وينصت الناس ويخطب الإمام قائما خطبتين.
وهذا كما قال إذا خطب الإمام فإن الناس ينصتون لاستماع الخطبة لقوله تعالى: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ 121 ب/ 3 وَأَنصِتُوا} الأعراف: 204.
وهل واجب أو مستحب؟ قال في "الإملاء" و "القديم": هو واجب، والكلام في حال الخطبة محرم، وبه قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وأحمد وابن المنذر رحمهم الله.
وقال في "الجديد": هو مستحب غير واجب، وبه قال عروة بن الزبير والشعبي والنخعي وسعيد بن جبير والثوري فحصل قولان، وجه القول الأول: ما روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت " فإذا اللغو لإثم بدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} المؤمنون: 3.
وروى جابر رضي الله عنه قال: دخل ابن مسعود رضي الله عنه والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فجلس إلى أُبيّ فسأله عن شيء فلم يرد عليه، فسكت حتى صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "ما منعك أن ترد علي" فقال: إنك لم تشهد معنا الجمعة قال: ولم؟ قال: تكلمت والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقام ابن مسعود، ودخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك فقال: صدق أُبيّ وأطع أُبياً".
ووجه القول الثاني: وهو الصحيح ما روى 122 أ/ 3 أنس قال: "دخل رجل المسجد