سبقنا ثلاثة، فقال عبد الله: رابع أربعة وما رابع 152 ب/ 3 أربعة ببعيد، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الناس بالقرب من ربهم على قدر رواحهم إلى الجمعة"، وأيضاً روى أوس بن أوس الثقفي قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها".
وروي في خبر آخر: "وبكر وابتكر ولبس من ثيابه أحسن ما قدر عليه ومس طيباً إن كان عنده وخرج، ولم يتخط رقاب الناس، وأنصت حتى خطب الإمام كان كفارة لما بين هذه الجمعة وما قبلها". وروي "خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"، وروي "وجلس قريباً واستمع ولم يرفث ".
واختلف العلماء في معناه فمنهم من قال: هذا من الكلام الظاهر الذي يراد به التوكيد ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين، ألا ترى أنه قال: "ومشي ولم يركب"، ومعناهما واحد، وبهذا قال الأثرم صاحب أحمد رحمهما الله ومنهم من قال قوله: غسل معناه غسل الرأس خامة وذلك؛ لأن العرب لهم لحم وشعور وفي غسلها مؤنة، فأفرد 153 أ/ 3 ذكر غسل الرأس من أجل ذلك، وقوله: واغستل معناه غسل سائر البدن، وبهذا قال عبد الله بن المبارك ومكحول، وقيل: روي غسل بالتخفيف. وروي غسل بالتشديد فبالتخفيف معناه تطهر واغتسل، وأما بالتشديد معناه غسل أعضاء الوضوء، وإنما شدد لتكرير الفعل كما يقال: قطعه إرباً إرباً.
وقيل: معناه غسل غيره فإن جامع واغتسل هو وبهذا قال وكيع: وقيل: روي هذا بالعين عسل غير المعجمة بتشديد السين، معناه أصاب أهله ليكون أملك لنفسه، وأحفظ في طريقه لبصره. ومن هذا قول العرب فحل عسله إذا كان كثير الضراب.
والعسيلة: هي الجماع ومعنى قوله: بكر، أي: أدرك باكورة الخطبة، وهي أولها، ومعنى ابتكر قدم في الوقت، وقيل: قوله بكر أي تقدم، وجاء بكرة وابتكر له تأويلان: أحدهما: أنه فعل أفعال المبكرين من الاشتغال بالعبادة من الذكر وقصد الصلاة ولم يقف على موضع اللعب والشعوذة.
والثاني: أدرك باكورة الخطبة واشتقاقه من باكورة الثمرة التي هي أولها، وقيل معناه: بكر إلى صلاة 153 ب/ 3 الغداة وابتكر إلى صلاة الجمعة.
وقال ابن الأنباري: معنى بكر، أي: تصدق قبل خروجه من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها"، فإذا تقرر هذا يستحب أن يمشي إلى صلاة الجمعة والعيدين ولا يركب إلا أن لا يقدر عليه لضعف من كبر أو مرض فلا يكره له الركوب،