ومقصوده الأمر ولكن هذا هو أحسن من قوله: "تطيبوا".
وروي في خبر آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اغتسل يوم الجمعة ولبس ثيابه ومس طيباً إن كان عنده وحضر الصلاة ولم يتخط رقاب الناس ولم يؤخر وجلس حتى رجع الإمام خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"، وأراد بالرجوع فراغ الإمام من الصلاة. وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اغتسل يوم الجمعة واستاك ومس من طيب إن كان عنده ولبس أحسن ثيابه، ثم خرج إلى المسجد ولم يتخط رقاب الناس ثم ركع ما شاء الله أن يركع وأنصت إذا خرج الإمام كانت كفارة بينها وبين الجمعة"، ثم قال الشافعي رحمه الله: وأحب أن يتنظف بغسل 155 أ/ 3 وأخذ ظفر وشعر وعلاج بما يقطع تغير الرائحة من جميح جسده وسواك يريد به أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر في هذا الخبر بثلاثة أشياء فيقاس عليه ما في معناها:
أولها: الغسل للتنظيف فيقاس عليه أخذ الشعر والظفر.
والثاني: التطيب فيقاس عليه تطيب الثياب التي تلبسها.
والثالث: السواك لإزالة الرائحة الكريهة فيقاس عليه استعمال المرتك وكل ما يزيل ويقطع تغير الفم من جميع جسده.
وجملة ذلك سبعة أشياء: الغسل، وحلق الشعر، وتقليم الأظفار، والسواك، وما يزيل عن نفسه الروائح الكريهة، ولبس أحسن ما يجد من الثياب، والطيب.
وقال في "الأم": واستحب له ذلك في كل عيد وأمره به وأحبه في كل صلاة جماعة، وان كنت له أشد استحباباً في الأعياد والجمع. فإذا تقرر هذا، فالمستحب للرجال لبس البياض، فإن جاوز البياض فعصب اليمن، وهي البرود المخططة والقطري، وهو نوع من الكتان.
وقال الأزهري رحمه الله: القطري هي ثياب حمر لها أعلام فيها بعض الخشونة، هي منسوبة إلى قطر، وهو موضع بين عمان وسيف البحر وإنما كان كذلك؛ لأنه يصبغ بمنزله ولا يصبغ بعد التسبيح فأما ما يصبغ بعد التسبيح مكروه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يلبسه قط، وكذلك الخلفاء الراشدين.
وأما السواد فلا يستحب لبسه مع وجود البياض لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يلبس السواد إلا يوم فتح مكة، فإنه دخل مكة وعلى رأسه عمامة سوداء ويجوز أن يكون قد تعذر في تلك الحال البياض، وهذا لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أحب الثياب إلى الله تعالى البياض يلبسها أحياؤكم ويكفن فيها موتاكم". وروى سمرة بن جناب رضي الله عنه أن