صلاة الإمام يجوز قولا واحداً، وفي صلاة المأمومين قولان: أحدهما: تجوز صلاتهم؛ لأنه ليس فيه أكثر من الانتظار، والخروج من صلاة الإمام قبل التمام، وكل هذا لا يبطل الصلاة على القول الذي يقول الخروج من صلاة الإمام لغير عذر لا تبطل الصلاة، والثاني: صلاة الجميع باطلة على القول الذي يقول: الخروج من صلاة الإمام بغير عذر، والانتظار الطويل من غير حاجة يبطل الصلاة، هذه الطريقة هي اختيار ابن سريج رحمه الله وابن 187 أ/ 3 خيران.
ومن أصحابنا من قال: هذا عند ابن سريج وابن خيران رحمهما الله أن الطائفة الثانية عندهم فارقت الإمام فعلاً وحكماً، فأما على المذهب الصحيح القولان في الطائفة الأولى لا تبطل صلا ة الطائفة الثانية قولاً واحداً لأنها تركت متابعة الإمام وهي غير خارجة من صلاة الإمام، وهذا هو الصحيح، وعندي هذا الاختلاف يحتمل في مسألة "الأم": عند توهم الخوف؛ لأن هذا المعنى هو موجود أيضاً.
وقال القاضي الطبري رحمه الله: هذه المسألة في بطلان صلاة الإمام هي مبنية على القولين فيه إذا فرقهم أربع فرق، لأنه انتظر في غير موضع الانتظار فتبطل صلاته أيضاً على أحد القولين.
فرع
لو صلوا صلاة الخوف، كما قال أبو حنيفة رحمه الله برواية ابن عمر رضي الله عنهما هل يجوز أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يجوز لأن ذاك صار منسوخاً بالمتأخر.
والثاني: يجوز لأنه من الاختلاف المباح، وقد صح الحديثان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الأفضل ما ذكرنا لما بينا من الدلائل، وأما صلاة الإمام فتجوز 187 ب/ 3 قولاً واحداً لأن المشي والعمل إنما يحصل من الطائفتين دون الإمام، ولو صلى صلاة شدة الخوف في حال الأمن لا يجوز قولاً واحداً.
مسألة: قال: وإن كان العدو قليلاً من ناحية القبلة والمسلمون كثيرون يأمنونهم.
الفصل
وهذا كما قال: هذه في الحالة الثالثة من أحوال صلاة الخوف التي وردت السنة بها، وهي صلاة الخوف الأدنى، ولا بد في هذه الصلاة من ثلاث شرائط:
إحداهما: أن يكون العدو في ناحية القبلة.
والثانية: أن يكون بالمسلمين كثرة بحيث ينظر بعضهم ويصلي بعضهم، فإذا وجدت هذه الشرائط فإنه يصلي صلاة الخوف فيقفون خلفه صفوفاً، ويحرم بجماعتهم، ويقرأ ويركع ويرفع بالكل، فإذا سجد سجد الكل إلا الصف الذي يليه، فإنه يثبت قائماً بعد