من استئناس الشافعي ببعض فقهاء التابعين.
فقال: وعن عروة وأبي سلمة أنهما كانا يجهران بالتكبير حين يغدوان إلى المصلى، ولا فائدة في إعادة هذا الكلام ها هنا، إلا أنه إنما تكلم هناك في التكبير في ليلة الفطر، وهاهنا يتكلم في العدد يوم الفطر وما يستحب له فيه، ثم قال: وأحب أن يلبس أحسن ما يجد، يعني: من الثياب التي يجوز لبسها للرجال على ما ذكرنا وقد مضى ذلك.
مسألةٌ: قالَ: فإذا بَلَغَ الإمام المصلَّى نُودِي: الصلاة جامعة.
وهذا كما قال: لا يستحب لصلاة العيد أذان ولا إقامة، فإن أذن وأقام يكره له ولا إعادة عليه. وقال الزهري: ما كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم لصلاة العيدين أذان حتى أحدثه معاوية بالشام. وأحدثه الحجاج حين ولي الإمامة بالمدينة، ثم ترك عليهما. وقال ابن سيرين: أول من أحدثه بنو أمية والحجاج، وقال أبو قلابة: أول من أحدثه ابن الزبير، وقال سعيد بن المسيب: أول من أحدثه معاوية وكيف ما هو "208 أ/3" فإنه بدعة، ولأن الإذان والإقامة من شعائر الفرائض المؤقتة في اليوم والليلة، وهذه ليست منها. فإذا تقرر هذا، فالمستحب أن يقول المؤذن: الصلاة جامعة، أي: عليكم الصلاة التي تجمعكم فقوموا إليها.
قال في "الأم": ويستحب أن يتوقى قوله: حي على الصلاة لأنه من ألفاظ الصلاة، فإن قال: هلم إلى الصلاة لا أكرهه، لأنه ليس من ألفاظ الأذان فكان كقوله: الصلاة جامعة، وهذا لأنه لما كان الأذان مكروها يستحب أن يتوقى عن جميع كلماته، ولو قال: حي على الصلاة فلا بأس به، وإن كان المستحب غيره، وأراد أنه لا يكره ذلك، وإنما استحببنا ما ذكرنا لما روى الزهري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان: "يأمر مناديه يوم العيد بذلك"، ولأن من سننها اجتماع الناس فليس هذا الذكر ليجتمعوا عند سماعه كما يسن الأذان.
مسألةٌ: قالَ: ثُّمَّ يُحرِمُ بالتكبِيرِ فيرفعُ يَديهِ.
الفصل
وهذا كما قال: إذا نودي بالصلاة فأول شيء يعمله الإمام الإحرام بالصلاة بالتكبير لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تحريمها التكبير"، ويرفع يديه حذو منكبيه، ثم يأتي بدعاء الاستفتاح كما في المكتوبة ولا يتعوذ، ثم يكبر سوى تكبيرة الافتتاح "208 ب/3" والركوع سبع مرات يرفع يديه حذو منكبيه كلما كبر، وفي الركعة الثانية فيكون قدر الزيادة على التكبيرات الراتبة اثنتي عشرة تكبيرة سبعا في الأول، وخمسا في الثانية، وبه قال أبو بكر وعمر