ومالك وأبي يوسف، ومحمد أنه لا يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى التي هي الافتتاح، وهذا غلط لما روى ابن عمر رضي الله عنه كبر في الأولى سبعا، وفي الثانية خمسا. ويرفع يديه عند كل تكبيرة في حال الانتصاب فيرفع اليد لها كتكبيرة الافتتاح.
فإذا تقرر هذا، وفرغ في الأولى من سبع تكبيرات يتعوذ، ثم يقرأ لتتصل القراءة بالتعوذ وبه قال أحمد ومحمد، وقيل: قال محمد بن الحسن: يأتي بدعاء الاستفتاح بعد التكبيرات مع التعوذ. وقال أبو يوسف: يتعوذ عقب دعاء الاستفتاح ثم بعد التكبيرات يقرأ الفاتحة، ولا نص فيه لأبي حنيفة، وقد قيل: مذهبه مذهب أبي "210 أ/3" يوسف وهذا غلط لما ورى أبو سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان يتعوذ قبل القراءة"؛ ولأن التعوذ تابع للقراءة فلا يفصل بينهما كما في سائر الصلوات.
مسألةٌ: قالَ: ويقِفُ بينَ كل ِّ تكبيرتَينِ بقدرِ قراءةِ آيةٍ لا طويلةٍ ولا قصيرةٍ.
وهذا كما قال. يستحب أن يأتي بهذه التكبيرات فيها مفرقا ويقف بين كل تكبيرتين بقدر آية لا طويلة ولا قصيرة، يهلل الله ويكبره ويحمده ويمجده. والتمجيد هو التعظيم مثل قوله: مالك يوم الدين، ولا إله إلا الله.
والمراد به: أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإن زاد على هذا جاز، ولا يقول هذا بين تكبيرة الإحرام والتي تليها، لأنه يكفيه فيما بينهما دعاء الافتتاح، ولو اتبع بعض التكبير بعضا، ولم يفصل بينه بذكر. قال الشافعي: كرهت له ذلك ولا إعادة ولا سجود السهو.
وقال أبو حنيفة: يأتي بالتكبيرات متواليات، وقال مالك: يقف بين كل تكبيرتين، إلا أنه لا يأتي بذكر بينهما وهذا غلط لما روي أن ابن مسعود رضي الله عنه صلى صلاة العيد وكان يقف بين كل تكبيرتين يهلل ويكبر ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - "210 ب/3" وسأل الوليد بن عقبة عبد الله بن مسعود عن هذا، فقال: يقول: الله أكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومن أصحابنا من قال: عادة الناس قولهم: الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وصلى الله على محمد وسلم تسليما وهذا حسن، ومنهم من قال: يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، قالوا: لو كان هذا مسنونا لنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما نقل التكبيرات.
قلنا: الظاهر أن ابن مسعود ذكره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأن هذا يخفى ولا يظهر بخلاف التكبيرات، ولأنها تكبيرات متكررة في حال القيام فاستحب أن يتخللها الذكر