هذا الباب، ثم لا يزال يكبر خلف كل صلاة فريضة بمفهومه أنه لا يكبر خلف النوافل، فمن أصحابنا من أنكر هذا القول وترك ذلك المفهوم لهذا المنظوم، ولأن تخصيص الشافعي "226 ب/3" الفريضة بالذكر ليس لنفي التكبير خلف النوافل، بل لأنه أراد أن يبين الصلاة الفريضة التي يكبر بعدها ابتداء ويقطع عقبيها فقال: من ظهر كذا إلى صبح كذا، والذي يدل أنه نص في " الأم"، فقال: يكبر الحائض والجنب وغير المتوضئ في جميع الساعات من الليل والنهار وهذا يدل على أنه يستحب خلف الفرائض والنوافل وفي سائر الأحوال، وأن من ليس من أهل الصلاة من الجنب والحائض والمحدث يستحب لهم التكبير أيضا. وهذا هو الصحيح.
ومن أصحابنا من قال: المسألة على قولين:
أحدهما: وبه قال أكثر الفقهاء: يكبر خلف الفرائض لا غير، وبه قال أبو حنيفة حتى روى اللؤلؤي عن أبي حنيفة أنه قال: لا يكبر خلف العيد، لأنها نافلة، وهو قول مالك وأحمد.
والثاني: وبه قال أبو يوسف ومحمد: إنه يكبر خلف الفرائض والنوافل لقوله تعالى: {ولِتُكبرّوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} "البقرة: 185" ولم يفصل، ولأأنها صلاة مغفولة في يوم النحر فيستحب التكبير عقبها كالفرائض ويؤكده أنه من شعار العيد فالأولى أن يكون عقيب صلاة العيد.
وقال بعض أصحابنا: إن كانت مما سن منفردا لا يكبر خلفها، وإن كانت مما تسن جماعة كالاستسقاء "221 أ/3" والخسوفين فيكبر خلفهما، ومن قال بهذا قال: هل يكبر خلف صلاة الجنازة؟ وجهان: أحدهما: يكبر لفعلها في جماعة. والثاني: لا يكبر لأنها ليست بصلاة معهودة ذات ركوع وسجود.
فرع
لو فاتته صلاة كان يكبر عقبيها فقضاها في غير أيام التشريق لا يكبر بعدها، لأن التكبير لأجل الوقت، قد فات الوقت ولهذا قلنا: يكبر من لا صلاة عليه.
فَرْعٌ آخرُ
لو فاتته صلاة كان يكبر عقبيها فقضاها في غير أيام التشريق فكبر عقبيها، وهل يكون أداء أو قضاء؟.
قال القفال: فيه قولان: مبنيان على أنه هل يكبر خلف النوافل؟ فإن قلنا: يكبر خلف النوافل ففي الفائتة أولى وتكون أداء، وإن قلنا: لا يكبر خلف النوافل يكون قضاء، ومن أصحابنا من قال: هل يكبر خلف الفوائت التي فاتت في غير هذه الأيام؟ قولان: لأن منزلة الفوائت في هذا منزلة النوافل.