المسألة حكم أهل المصر.
ومنهم من لا يلزم الجمعة لا بأنفسهم ولا بغيرهم، وهو أن يكونوا دون الأربعين ولا يبلغهم النداء، فإذا حضروا العيد كان لهم الانصراف من غير جمعة، ولا يكره لهم ذلك ولكن إن دخلوا البلد يوم الجمعة بغير صلاة العيد يكره لهم أن ينصرفوا قبل صلاة الجمعة، فإن قال قائل: هلا قلتم: يلزمهم الجمعة كالمريض إذا حضر فإنها تلزمه؟ قلنا: لأن سقوطها عن المريض للمشقة، وإذا حضر زالت المشقة، وسقوطها عن أهل هذه البرية في أوطانهم لصفته فيهم هناك "232 أ/3" وإذا حضروا وكانوا مسافرين غير مستوطنين فلا يلزمهم.
ومنهم من تلزمهم الجمعة بغيرهم، وهو أن يكونوا دون الأربعين ويسمعون النداء من البلد فحكمهم ما ذكرنا من المنصوص والتخريج.
باب صلاة الكسوفمسألة: قال: في أي وقت خسفت الشمس في نصف الهار أو بعد العصر فسواء.
وهذا كما قال: اعلم أنه يقال: كسفت الشمس تكسف وخسفت تخسف، وذلك يقال في القمر أيضا ولأهل اللغة في معنى ذلك قولان.
أحدهما: قال الفراء: وغيره كسفت معناه: نقص ضوئها وقوله تعالى: {وخَسَفَ القَمَرُ} " القيامة: 8".
يعني نقص ضوءه ويقال: عين خاسفة إذا ذهب ضوءها أو نقص ورجل خاسف إذا كان مهزولا جائعا، وخسف بالرجل إذا ساخ في الأرض، وقال آخرون: معناه التغطية يعني حال دون ضوءها حائل ومنه قول جرير:
الشمس طالعة ليست بكاسفة تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
وأراد ليست بمتغطية، فإذا تقرر هذا فلاأصل في صلاة الكسوف الكتاب والسنة والإجماع:
فأما الكتاب: فقوله تعالى: {ومِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ والنَّهَارُ "232 ب/3" والشَّمْسُ والْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ ولا لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} "فصلت: 37" الآية. وأراد صلاة الكسوف صلوا لكسوفها لان الله تعالى ذكر آيات كثيرة ولم يذكر عندها السجود، وخص هاتين الأثنتين بالسجود عند ذكرهما، فدل أنه أراد به الصلاة فيها، وقيل: يحتمل انه أراد به الصلاة للكسوف، ويحتمل أنه أراد عبادة الله دون عبادتهما، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى عند كسوفهما، فكان كذلك منه بيانا لما تناولته الآية.
وأما السنة: فما ورى ابن عباس رضي الله عنه قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى والناس معه ثم قال: "أيها الناس إن الشمس