الليل سلطنة بوجه، وقيل في القمر: إن القمر قد يكون باقيا بعد طلوع الشمس فلا يكون لطلوعه وبقائه حكم مضئ الليل فكذلك "244 أ/3" إذا غاب مع بقاء الليل وجب أن لا يكون لغيبوبته حكم مع بقاء الليل وليس كذلك الشمس؛ لأنه لا يسقط حكمها مع بقائها فكذلك لا يبقى حكمها مع غيبوبتها.
والخامسة: أن تطلع الشمس وهو منكسف فإنه لا يصلي، لأن وقته قد فات وسلطانه قد ذهب فهو بمنزلة غيبوبة الشمس.
والسادسة: أن يطلع الفجر وهو منكسف ففيه قولان: قال في "القديم": لا يصلي لأن القمر من آية الليل والشمس من آية النهار، فكما لا يصلى لخسوف الشمس بالليل لا يصلى لخسوف القمر بالنهار، وقبل الفجر حاجب الشمس.
وقال في "الجديد": يصلي وهو الصحيح، لأن قبل طلوع الشمس سلطان باق لقوله تعالى: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} الإسراء: 12" فما لم تطلع الشمس فالسلطنة له وقد يقع لضوئه في هذا الوقت.
فرع
لو خسف القمر بعد طلوع الشمس، هل يبتدئ الصلاة؟ فيه قولان بناء على هذين القولين ولو ابتدأ خسوف القمر بعد طلوع الشمس لا يصلي قولا واحدا.
مسألة: قال: فإذا طلعت أو أحرم فتجلت أتموها.
وهذا كما قال أراد به إذا طلعت الشمس في خلال صلاة خسوف القمر إذا أحرم بصلاة خسوف الشمس، ثم تجلت الشمس "244 ب/3" أتموها، وهذا لأن القصد بهذه الصلاة إعظام الله تعالى ما رأوا من الآيات التي يخوفهم بها، ومسألة تجليها وإعادة ضوءها إليها، فإذا افتتحوا الصلاة ثم حصل المقصود لم يجز إبطال الصلاة بل إتمامها أحسن لعبادته. وأتم لشكر نعمته.
وقال بعض أصحابنا: يحتمل أنه أراد يتجوز فيها ويطرح الزوائد التي خصت بها، وقد ذكرنا وجهين، والنص الظاهر أنه يتمها كما شرع فيها إلا أنه يخفف.
فرع
لو كسفت الشمس، ثم تغيبت السماء، وتغيبت الشمس في السحاب يصلون صلاة الخسوف؛ لأن الخسوف يقين وتجليها مشكوك فيه، واليقين لا يزول بالشك، ولو طلعت الشمس في غمام أو غيابة فتوهمها خاسفة فلا صلاة حتى يستيقن ذلك، ثم ذكر في "المختصر": مسألتين مضى بيانهما:
إحداهما: قال: فإذا اجتمع أمران فخاف فوات إحداهما بدأ بالذي يخاف فوته.
والثانية: قال: فإن لم يقرأ بأم القرآن أجزأه، وهذا لأن الفريضة تجزئ بأم القرآن فالنافلة أولى، ثم بين أن الجماعة وإن كانت مسنونة لهذه الصلاة فليست بواجبة بخلاف