حمله بغير علاقة, ولأن الحمل أكثر من المس فكان أولي بالمنع, وأما حمله في جملة الأمتعة بغير مقصود, وإنما يمنع منه إذا كان قصدًا, وكما أنه لا يجوز حمل ورقه من جملته, ويجوز حمل كتاب الفقه, وإن كان فيه آيات من القرآن, لأنه لم يقصد الكتاب للقرآن.
وروى ابن عمر- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو ثم كتب إليهم في كتابه: " بسم الله الرحمن الرحيم {قل يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} " (آل عمران:64) الآية.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجه آخر أنه لا يجوز حمله أصلاً, وإن كان في جملة المتاع (80 ب/ 1) لأنه حامل للمصحف وهو الأقيس.
فرع آخر
لا فرق في المس عندنا بين مس المكتوب منه, وبين ما هو منسوب إليه من قبله وظرفه وحواشيه.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: وصندوقه المتخذ له. وهذا عندي أنه يريد به عند الحمل, فإن مش الصندوق دون المصحف لا يجوز.
وقال أبو حنيفة: له أن يمس ما عدا كوضع الكتابة. وهذا غلط لأنه جزء من المصحف كالمكتوب.
فرع آخر
الدراهم التي عليها القرآن, قال أصحابنا: فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز لهم حملها في الرق إذا كتب فيه شيء من القرآن.
والثاني: يجوز لأنهم لا يقصدون بحملها ومسها من القرآن حمل المال ولا فرق بين أن يكون فيها {قل هو الله أحد} (الصمد:1) أو غير ذلك.
وقال صاحب "الحاوي": إن كان لا يتداولها الناس كثيرًا ولا هم يتعاملون بها غالبًا كالتي عليها سورة الإخلاص لا يجوز حملها لأن الحرمة للمكتوب من القرآن, وإن كان يتداولها الناس كثيرًا ويتعاملون بها غالبًا, هل يجوز لهم حملها فيه وجهان, أحدهما: يجوز للمشقة الغالبة. والثاني: لا يجوز وهو اختيار من أبي هريرة, وهذا أحوط عندي والأول أقيس.
فرع
لو كان القرآن مكتوبًا على طعام مأكول هل يحرم مسه فيه وجهان.