وقال بعض التابعين: يقرأ عنده سورة الرعد لما روي عن جابر بن يزيد قال: إذا قرئ عنده سورة الرعد فإنه يكون أسرع لخروج الروح، فيستحب أن يقرأ عنده هذا إذا رأي اشتداد الأمر، فإن رأى أمارات السلامة فإنه يدعو له وينصرف. وروى أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على شاب وهو في الموت فقال: كيف تجدك؟ فقال: أرجو الله برسول الله، واني أخاف ذنوبي. فقال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله تعالى ما يرجوه وآمنه مما يخاف"، وقالت عائشة رضي الله عنها: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالموت وعنده قدح فيه ماء وهو يدخل يده في القدح، ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: "اللهم أعني على غمرات الموت أو سكرات الموت".
وأما ما يفعل به بعد موته، فاعلم أن الشافعي 270 ب/3 ذكر هنا وفي "الأم" أنه يفعل به سبعة أشياء:
أحدها: أن يتولى أرفقهم به إغماض عينيه بأسهل ما يقدر عليه، وأراد به أقرباؤه ومحارمه، وهذا لما ووت أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمض عينيه وقال: أغمضوا عيون موتاكم فإن الروح إذا خرجت تبعها البصر"، ولأن ذلك هو أحسن في هيئة الميت من أن يكون مفتوح العينين، ويشبه النائم بعد إغماضها. وإذا لم يغمض عند وجود حرارة الروح فيه لم تتغمض بعدما برد ويقبح منه ذلك بهيئة الميت، ويدخل فيها الهوام.
والثاني: قال: وأن يشد لحييه الأسفل بعصابة عريضة ويربطها من فوق رأسه لئلا يسترخي لحيه الأسفل فيفتح فوه فلا ينطبق وهذا صحيح قريب المعنى من إغماض عينيه، ولأنه إذا لم يفعل ذلك دخل الهوام جوفه ويقبح به منظره.
والثالث: يلين مفاصله ما دامت حرارة الحياة فيه، فيرد ذراعه إلى عضديه ثم يردهما ويلين أصابع يديه بطونها، ثم يردها ويرد ساقه إلى فخذه، ثم يرده ويرد فخذه إلى بطنه ثم يرد 271 أ/ 3 ويتعاهد منه هذا ليتأتى لينه على غاسله وقت غسله وتكفينه.
والرابع: تجرده من ثيابه فيخلع عنه ثيابه المخيطة من الجبة والقميص وغيرهما، وهذا لئلا يحمى فيها فتفسد، ولأنه لا يخلو في الغالب عن نجس أو قذر.
والخامس: أن يجعل على بطنه حديدة فإن لم يكن فطيناً مبلولاً لئلا يربو جوفه.
وروي أن مولى أنس رضي الله عنه مات فقال: "ضعوا على بطنه حديدة لأنه ينتفخ".
والسادس: يسجى بثوب يغطى به جميع جسده ووجهه لأنه بعد الموت يأخذ في