فإن تلف الرهن في يد المرتهن من غير تفريط، لم يضمنه، وبه قال عطاء والأوزاعي وأحمد، وأبو ثور (1). وقال أبو حنيفة، وسفيان، والثوري: الرهن مضمون بأقل الأمرين من قيمته أو قدر الدين (2).(1) لما روى سعيد بن المسبب رضي اللَّه عنه قال: (قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لا يغلق الرهن فمن رهنه) سبق تخريجه، ولأنه ليس وثيقة بدين ليس بعوض منه، فلم يسقط الدين بهلاكه كالضامن والحديث دليل في ثلاثة أمور: أحدها: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا يغلق الرهن) وله ثلاث تأويلات: 1 - لا يكون الرهن للمرتهن بحقه إذا حل الحق. 2 - لا يسقط الحق بتلفه. 3 - أي لا ينغلق حتى لا يكون للراهن فكه عن الرهن، بل له فكه، فإن قيل: فهذا حجة عليكم، لأن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا يغلق الرهن) أي لا يهلك بغير عوض، قال زهير: وفارقتك برهن لا فكاك له ... يوم الوداع فأضحى الرهن قد علقا يعني ارتهن، فخلبه الحب يوم الوداع فأمس وقد غلق الرهن، أي هلك بغير عوض قلنا: هذا غلط، لأن القلب لا يهلك، وإنما معناه أن القلب صار رهنًا بحقه، وقد انغلق انغلقًا لا ينفك. الثاني: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (من راهنه): يعني من ضمانه، قال الشافعي رضي اللَّه عنه: وهذه أبلغ كلمه للعرب في أنهم إذا قالوا: هذا الشيء من فلان يريدون من ضمانه. الثالث: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (له غنمه وعليه غرمه). قال الشافعي رضي اللَّه عنه: وغرمه هلاكه وعطبه، ولأنه مقبوض عن عقد لو كان فاسدًا، لم يضمن، فوجب إذا كان صحيحًا أن لا يضمن أصله، كالوديعة ومال المضاربة، والوكالة والشركة، وعكسه المقبوض عن البيع والقرض/ المهذب للشيرازي 12: 63، والمغني لابن قدامة 4: 438، والمجموع 12: 265. (2) ويروى ذلك عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه، واحتجوا بما روى عطاء: أن =