وعلى هذا قال: لو وثب من بناء عال لص (فانكسرت) (1) رجله فصلى قاعدًا، فهل يعيد؟ فيه وجهان: وهذا أبعد من الأول. ولا يجوز القصر إلَّا في مسيرة يومين ستة عشر فرسخًا، وبه قال مالك، وأحمد (2). وقال داود: يجوز القصر في طويل السفر وقصيره (3). وقال الأوزاعي: يقصر في مسيرة يوم (4).(1) (فانكسرت): في ب، جـ، وفي أ: وانكسرت. (2) ستة عشر فرسخًا تساوي أربعة برد، لما روي عن ابن عمر وابن عباس "كانا يصليان ركعتين، ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك" رواه البيهقي بإسناد صحيح 3/ 137، وسأل عطاء ابن عباس "أأقصر إلى عرفة؟ فقال لا، فقال: إلى منى؟ فقال لا، لكن إلى جدة وعسفان والطائف"، "السنن الكبرى" للبيهقي 3/ 137، الفرسخ: ثلاثة أميال هاشمية، والميل: ستة آلاف ذراع، والذراع: أربعة وعشرون أصبعًا معتدلة معترضة، والأصبع ست شعيرات معتدلات معترضات، "المجموع" 4/ 213. (3) وقد احتج بإطلاق الكتاب والسنة جواز القصر بلا تقييد للمسافة، وبحديث يحيى بن مزيد قال: سألت أنسًا عن قصر الصلاة فقال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا خرج ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ، صلى ركعتين" رواه مسلم 5/ 200، وكذلك بحديث ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تسافر امرأة ثلاثًا إلا ومعها ذو محرم" رواه البخاري ومسلم، "الفتح الباري" 3/ 222، وذكروا مناسبات لا اعتماد عليها، "المجموع" 4: 116. (4) بما روي عن خبير بن نفير قال: خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر، او ثمانية عشر ميلًا، فصلى ركعتين، فقلت له، فقال: رأيت عمر صلى بذي الحليفة ركعتين، فقلت له: فقال افعل كما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل، رواه مسلم 5/ 201.