الكيل؛ فقبض عمرو لنفسه صحيح، ولا يصح قبض زيد منه بذلك الكيل، ويكون ما لو قبض زيد جُزافاً.
فلو كال عمرو على زيد بعد قبضه صح، ثم إن زاد أو نقص؛ فتكون الزيادة لعمرو والنقصان عليه إن كان قدراً يقع بين الكيلين، ولو كان أكثر علم أن الغلط وقع في الكيل الأول؛ فيجرع على الدافع بنقصانه، ويرد الفضل إليه.
ولو أخذ الأول؛ وهو عمرو لنفسه في المكيال، ولم يخرجه؛ فسلم على زيد كذل - هل يصح في حق زيد؟ فيه وجهان:
أحدهما- وهو الأصح عندي: لا يصح؛ حتى يخرجه "من" المكيال، ثم يجعله فيه ثانياً للكيل على زيد.
والثاني: يصح؛ لأن استدامة الكيل كابتدائه؛ كما لو اشترى كيلاً من طعام؛ فأخرجه البائع في مكياله - يجب عليه أخذه، وإن لم يبتدأ كيلاً بعد البيع وكذلك لو لم يحضر عمرو، بل قال لزيد: اذهب إلى بكر، واقبض لنفسك مالي عليه فقبض - لم يصح، وتبرأ ذمة الدافع، على أصح الوجهين.
ولو قال: اقبضه لي، ثم اقبض مني بذلك الكيل، صح قبضه لعمرو، وتبرأ ذمة الدافع، ولا يصح قبضه لنفسه، وإذا قبض لنفسه دخل في ضمانه.
ولو قال: اقبض لي، ثم كل مني على نفسك فقبضه لعمرو صحيح، وهل يصح اكتياله لنفسه؟ فيه وجهان:
الأصح: لا يجز؛ لأنه لا يكون أميناً على الغير فيما يقبض لنفسه.
فإن قلنا: يصح، برئت ذمة عمرو عن حقه بعدما اكتال لنفسه.
وإن قلنا: لا يصح، فلا تبرأ.
وقيل: اكتيال زيد لنفسه أمانة في يده، وبعده مضمون عليه.
وعلى هذا: لو اشترى صبرة حنطة مكايلة واتكالها، ثم باعها مكايلة - يجب أن يكيلها ثانياً على المشتري؛ فإن باعها جزافاً، لا يجب أن يكيلها ثانياً.
ولو اشترى صاع حنطة فقبضه في المكيال، ثم باع صاعاً، وسلم إليه قبل إخراجها عن المكيال - هل يجوز أم لا؟ فيه وجهان.
ولو أسلم في طعام؛ فدفع المسلم إليه دراهم إلى المسلم، وقال: اشتر بها لنفسك الطعام الذي لك عليَّ - لا يصح التوكيل ولا الشراء؛ لأنه لا يجوز أن يشتري لنفسه بمال الغير شيئاً.