والثالث: إذا رضي أحدهما صار قصاصاً؛ لأنه إذا رضي أحدهما، فقد رضي بأداء ما عليه مما له في ذمة الآخر؛ فليس للآخر أن يمتنع؛ لأنه يجز لمن عليه الدين أداء الدين من حيث يشاء من ماله.
والرابع: لا يصير قصاصاً؛ حتى ينفذ أحدهما ما عليه، ويسلم إلى الآخر، ثم يأخذه عما عليه؛ حتى لا يون بيع الدين بالدين.
أما إذا كان الدائنان مؤجلين؛ نظر: إن كانا مؤجلين بأجل واحد. قيل هو كما لو كانا حالين، والصحيح أن حكمه حكم ما لو كانا مؤجلين بأجلين مختلفين، أو أحدهما حال والآخر مؤجل -لا يصير قصاصاً، وكذلك لو كانا من جنسين، أو وصفين مختلفين لا يصير قصاصاً؛ حتى ينفذ أحدهما ما عليه ويسلم، ثم يشتريه بماله على الآخر.
وإذا كان له على رجل دراهم صحاحٌ؛ فقال من له الدين: أسقطت وصف الصحة لا يسقط. إن كان مؤجلاً؛ فقال من عليه أسقطت الأجل هل يسقط؟ فيه وجهان
أصحهما عندي: لا يسقط؛ كوصف الصحة.
والثاني: يسقط؛ لأن الأجل فسحة في العقد؛ فيسقط بالإسقاط؛ الخيار.
ولو كان له على رجل دين حال وهو مماطل فقال: أدِّ حقي؛ حتى أبيعك شيئاً؛ فأدى - لا يلزمه البيع، وليس للمعطي أن يسترد ما دفع؛ لأن الدفع كان واجباً عليه.
ولو قال: أعط أفضل أو أجود؛ حتى أبيعك ذا، ففعل - لا يجب البيع، وللمعطي أن يسترد ما أعطى، وإن أعطى أكثر يسترد الزيادة.
وكذلك لو كان الدين مؤجلاً، فقال من له الدين: عجل قبل المحل؛ حتى أبيعك شيئاً فعجل - لا يجب البيع، وله أن يسترد ما عجل.
وكذلك لو قال: عجل البعض؛ حتى أبرئك عن الباقي، فعجل - لا يجب الإبراء؛ وللمعجل أن يسترد ما أعطى.
وكذلك في السلم لو قال: أبرأتك عن نصفه؛ بشرط أن تعجل الباقي، والحق مؤجل - لا يصح الإبراء. أما من غير شرط لو أخذ بعضه، وأبرأه عن الباقي - يصح.
وقال مالك: لا يصح.