وحصلت البراءة عما سماه دون غيره من العيوب.
أما إذا لم يعلم، بل قال: بعتك بشرط أني بريء من كل عيب به، أو بشرط ألا يرد بالعيب - ففيه أقوال:
أقيسها: ألا يبرأ عن عيب ما؛ علمه البائع أو لم يعلمه؛ لأن الرد بالعيب ثبت للمشتري بعد العلم؛ فلا يصح إسقاطه قبله؛ كما لو أسقط حق الشفعة قبل البيع.
والثاني: يبرأ عن كل عيب؛ علمه البائع فكتمه أو لم يعلمه؛ لأنه إسقاط حق لا يتضمن تمليكاً؛ فيصح مع الجهالة؛ كالطلاق.
والثالث: وهو الأصح -: يفصل بين الحيوان وغيره، ففي غير الحيوان لا يبرأ عن عيب ما؛ علم أو لم يعلم؛ لأنه تتيسر معرفته، وفي الحيوان يبرأ عن العيوب الباطنة التي لا يعلمها؛ لأنه قل ما يوقف عليها، ولا يبرأ عن عيب هو ظاهر؛ علم أو لم يعلم، ولا عن عيب بباطنه وهو عالم به؛ لأثر عثمان - رضي الله عنه-؛ ولأن الحيوان يغتذي بالصحة والسقم وتحول طبائعه، وقل ما يبرا من عيب يظهر أو يخفي؛ فلو لم تصحح البراءة عما بباطنه وهو لا يعلمن أدى ذلك إلى ألا يلزم العقد على الحيوان.
ولو باع عبداً على أن به برصاً ولم يره موضعه، فهو كشرط البراءة مطلقاً.
فحيث قلنا: يبرأ، إنما يبرأ عن عيب كان موجوداً يوم العقد، فأما ما حدث بعد البيع قبل القبض لا يبرأ عنه، وله أن يرده به.
ولو شرط البراءة عن عيب يحدث بعد البيع قبل القبض، لا يصح قولاً واحداً.
وعند أبي حنيفة: تصح البراءة عن العيوب الموجودة، وعما يحدث بعد البيع قبل القبض.
وعند مالك - رحمه الله-: لايبرأ عن شيء، إلا في موضعين.
أحدهما: أن يبيع الحيوان من النخاس.
والثاني: أن يبيع القاضي مال ميت في ديونه، يجوز بشرط البراءة؛ لأن النحاس يشتري الحيوان للذبح؛ فإذا لم يذبح، يطلب طريقاً إلى الرد، والقاضي يخاف من رده بعد تفرقه ثمنه في ديونه؛ فجاز بشرط البراءة فيه.