والذوق، أو نقصانٍ يجده في أحد الإناءين، أو حركةٍ توجد فيه؛ يعرف أن الكلب شرب منه.
فإن قلنا: يجوز، فلم يجد دلالة على الأغلب عنده؛ فهل له التقليد؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأن من ظن من أهل الاجتهاد في شيء لم يكن له أن يقلد فيه كالبصير.
والثاني: يجوز؛ لأنه مما يُعرف بالبصر وبغيره، فإذا لم يغلب على ظنه ثبت أن معرفته تعلقت بالبصر، فكان كالقبلة.
وكل طعامين طاهرين نجس أحدهما، واشتبه عليه مثل إناءين من لبنٍ، أو خلٍّ، أو نحوهما؛ فله أن يتحرى فيهما؛ كالماء، ثم يحل له أكل ما أدى اجتهاده إلى طهارته، وإن كان أحدهما نجس الأصل؛ مثل إناءين: أحدهما ماء، والآخر بولٌ؛ فاشتبه عليه؛ فالمذهب أنه لا يجوز له التحري فيهما، وبه قطع العراقيون؛ لأن النجس منهما ليس له أصلٌ في الطهارة، بخلاف الماء النجس، ولكن يُصلي بالتيمم، ثم يعيد على أصح الوجهين.
وقيل: يجوز التحري فيهما كالماء الطاهر مع النجس، ولكن لا يجوز أن يأخذ بغلبة الظن من غير دلالة، بخلاف الماء الطاهر والنجس؛ على أحد الوجهين.
وعند أبي حنيفة - رحمه الله -: يجوز التحري إذا كانت الغلبة للماء، وكذلك إذا اشتبه عليه ماءٌ مطلقٌ، وماء وردٍ؛ فالمذهب أنه لا يتحرى؛ وبه قطع العراقيون؛ لأن ماء الورد ليس له أصل في التطهر، ولكن يتوضأ بكل واحد منهما.
وقيل: هو كما لو كان أحدهما ماء مطلقاً، والآخر مستعملاً، وإن كان أحدهما ماء مطلقاً، والآخر مستعملاً؛ فهذا مبنيٌّ على أنه إذا اشتبه عليه ماءٌ طاهر ونجس، ومعه ماء طاهرٌ بيقين؛ هل له الاجتهاد، أم لا؟
إن قلنا: لا يجوز؛ لأن له سبيلاً إلى يقين الطهارة؛ فهاهنا لا يجتهد بل يتوضأ بكل واحدٍ منهما.
وإن جوَّزنا هناك، فها هنا يجتهد؛ فأيهما أدى اجتهاده إلى أنه الماء المطلق، توضأ به.
وإذا اشتبه عليه لبنُ بقرٍ ولبن أتانٍ، أو خمرٌ وخلٌّ، أو شاة مذكاةٌ وميتة