والثاني: تسلم إلى زيد، وهل يغرم لعمرو؟ فيه قولان: كما لو قال: هي لزيد، لا بل لعمرو.
قال الشيخ: عندي: لا فرق بين أن يقول: غصبتها من زيد، لا بل من عمرو، وبين أن يقول: غصبتها من زيد، وملكها لعمرو؛ أي: أنه هل يغرَّم القيمة لعمرو؟ إنه على قولين؛ كما لو قال: هي لزيد، لا بل لعمرو، والشافعي- رضي الله عنه- لم يفصل بينهما في الغرم، بل قال: شهادته للثاني لا تقبل؛ لأنه غاصب.
ولو قال غصبت هذا من أحد هذين الرجلين: يطالب بالتعيين: فإن قال: لا أعرف- نُظر: إن صدقاه أنه لا يعرف، أو كذباه، وقالا: إنه يعرف: يحلف أنه لا يعرف و تنزع من يده، وتوقف حتى يصطلحا، فإن أقر بها لأحدهما: سلم إليه، وهل تُسمع دعوى الآخر عليه بالقيمة أم لا؟
مثل رجل في يده دار، فأقر بها لرجل، ثم جاء آخر يدعيها؛ فإنه يدعي على المقر له، وهل تسمع دعواه على المقر بالقيمة أم لا؟ إن قلنا: لو أقر له بعدما أقر للأول: يغرم قيمتها، وتسمع دعواه عليه، ويحلفه؛ رجاء أن يُقر فيغرم.
وإن قلنا: لا يغرم: لا تسمع دعواه عليه؛ لأنه لا فائدة له فيه.
ولو باع من رجل شيئاً، ثم قال: كنت قد بعته من فلان، أو غصبته منه: لا يقبل قوله في حق من باع منه، وهل يغرم قيمته لمن أقر أنه باع منه؟
من أصحابنا من قال: فيه قولان؛ كالمسألة الأولى.
ومنهم من قال: يغرم قولاً واحداً، وهو المذهب؛ لأنه فوَّت عليه حقه بفعله وتصرفه؛ حيث دفعه إلى الآخر، وفي المسألة الأولى: لم يتصرف، بل أخبر عن سببه بقوله، ولا أثر لقوله في ملك الغير.
ولو جاء رجل بعدما باعه، وادعى تلك العين، يدَّعي على المشتري، هل له أن يدعي القيمة على البائع؟
إن قلنا: لو أقر يغرَّم القيمة: له أن يدعي عليه؛ وهو المذهب.
وإن قلنا: لا يغرَّم فلا.
هذا إذا باع العين، ثم جاء آخر يدَّعيها: لا تسمع دعواه على من انتزعت من يده بالبينة ثم.