ذهاباً ورجوعاً إلى الموضع الذي جاوزه.
وهل له أن يركبها في الرجوع إلى البلد الذي استعار منه أم يسلمه إلى حاكم البلد الذي استعار إليه؟ وجهان:
أحدهما: له أن يركبها للرجوع؛ لأن المالك أذن فيه.
والثاني: ليس له ذلك؛ لأن الإذن قد انقطع بالمجاورة، فعلى هذا: إذا رجع عليه أجر مثل الرجوع.
فصل في الاختلاف
إذا ركب دابة إنسان، فاختلفا، فقال المالك: أكريتك الدابة، وقال الراكب: بل أعرتني- لا يخلو: إما إن كان هذا الاختلاف في حال قيام الدابة أو بعد تلفها.
فإن كان في حال قيامها- نُظر: إن كان في حال ما أخذ الدابة قبل مضي مدة لها أجرة: فلا فائدة فيه إلا أن يدعي المالك تعجيل الأجرة: فالقول قول الراكب مع يمينه.
وقال في المزارعة: إذا زرع أرض الغير، ثم اختلفا؛ فقال المالك: أكريتك، وقال الزارع: بل أعرتني: إن القول قول المالك مع يمينه: فمن أصحابنا من جعل المسألة على قولين:
أحدهما- وهو الأصح، وهو اختيار المزني-: أن القول قول المالك مع يمينه؛ لأن المنافع كالأعيان.
ولو اختلفا في عين، فقال المالك: بعتك، وقال الذي في يده: وهبتني: كان القول قول المالك مع يمينه، لأنه أتلف منفعة الغير، ثم يدعي البراءة من الضمان: فلا يقبل؛ كما لو أكل طعام الغير، ثم قال: أبحته لي، فقال: ما أبحته لك: فالقول قول المالك مع يمينه.
والقول الثاني: القول قول الراكب والزارع مع يمينه؛ لأنهما اتفقا على إباحة المنفعة له، والمالك يدعي الكراء، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه؛ لأن الأصل براءة ذمته.
ومن أصحابنا من فرق بينهما على ظاهر النص، فقال في الدابة: القول قول الراكب، وفي الأرض: القول قول المالك؛ لأن العادة جرت: أن الدابة تعاد، والأرض لا تُعاد؛ بل تؤاجر، والصحيح: أن لا فرق بينهما.