أن يأخذ المالك القيمة بقول الغاصب، فبان أكثر؛ فله الرد. فنقول: أخذ بدل ملكه المغصوب من الغاصب؛ لتعذر الرد، فإذا زال العذر: وجب أن يجب؛ كما لو كان المغصوب مدبراً؛ يؤيده: أن التضمين لو كان يوجب التمليك: وجب ألا يضمن المدبرح لأن عندكم: المدبر لا يملك كالحر.
ولو كان لرجل زوج خُف، قيمتها عشرة، فغصب رجل أحدهما، أو أتلفه، وعاد قيمة الثاني إلى درهمين: كم يلزمه من الضمان؟ فيه وجهان:
أصحهما- وعليه أكثر أصحابنا- يلزمه خمسة؛ لأن قيمة ما تلفه خمسة.
والثاني- وبه قال صاحب "التلخيص"-: يلزمه ثمانية؛ لأن انتقاص قيمة الثاني بسبب غصبه، ولا خلاف أنه إذا سرق الفرد، ولم تكن قيمته نصاباً، وكان نصاباً مع النقصان الذي دخل الثاني أن القطع: لا يجب، لأنه يندرئ بالشبهة؛ كما لو دخل حرزاً، وأتلف فيه مالاً: يجب الضمان عليه، ولا يجب القطع.
أما إذا غصب الزوج معاً، ثم رد أحدهما، وقيمته درهماً: يلزمه ثمانية؛ لأن الغصب وجد فيهما، والنقص وجد في المغصوب.
ولو غصب بيضة، فأحضنها تحت دجاجة، فأخرجت فراخاً، أو غصب حنطة، فبذرها، فنبتت، وازدادت: ففيه أوجه:
أصحهما: ما حصل للمالك، ولا شيء له سواه؛ لأن المغصوب عاد إليه زائداً، فإن كانت قيمته أنقص مما غصب: عليه أرش النقصان.
والثاني: الكل للغاصب، وعليه مثل الحنطة وقيمة البيضة؛ لأن المغصوب قد هلك في يده، وما حصل بشيء حدث له.
والثالث: ما حصل للمالك، ويجب على الغاصب قيمة البيضة، ومثل الحنطة؛ لأن المغصوب قد هلك في يده: فعليه ضمانه والحادث زيادة زاده الله تعالى على عين مال المالك؛ فيكون له.
وفي الإفلاس: لو فعله المشتري، ثم أفلس بالثمن: فإن قلنا في الغصب: يكون ما حصل للمالك، ولا شيء له سواه: ففي الإفلاس: للبائع أخذه، ولا ثمن له، وإن قلنا بالوجهين الآخرين: فليس للمفلس إلا مضاربة الغرماء.