والثاني: له فسخه، وأخذه من البائع.
أما إذا جاء الشفيع قبل الفسخ، فأراد الشفيع الأخذ، وأراد المشتري الفسخ: فيه قولان:
أحدهما: ليس للمشتري الرد؛ لما فيه من إبطال حق الشفيع وقصده من الرد الخلاص منه، وقد تخلص منه بأخذ الشفيع.
والثاني: للمشتري الرد، وبطلت الشفعة؛ لأن الشفيع يأخذ بعد استقرار العقد، وههنا: لم يستقر العقد إذا كان المشتري بفسخه، هذا إذا كان المشتري والشفيع جميعاً أجنبيين.
أما إذا باع شقصاً يساوي ألفين، بألف، في مرضه، والمشتري وارثه: فإن قلنا في المسألة الأولى: إن البيع يصح في خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن: فههنا: يصح البيع في نصفه بجميع الثمن؛ لأن المحاباة مردودة مع الوارث، ويأخذ الشفيع به، وهذا هو الأصح، وعلى القول الآخر: البيع باطل في الكل؛ لأنه لا يجوز أن يبطل البيع في شيء إلا ويسقط بقدره من الثمن، فما من جزء يصح فيه البيع إلا ويكون بعضه محاباة، والمحاباة مع الوارث مردودة، فإن قلنا بالأول: إنه يصح البيع في نصفه بجميع الثمن: فإن لم يأخذ الشفيع: فللمشتري فسخ البيع، وإن أراد الشفيع الأخذ، والمشتري الأخذ: فأيهما أولى؟ فعلى القولين، فأما إذا كان الشفيع وارثاً للبائع، والمشتري أجنبي: ففيه خمسة أوجه:
أصحهما: يصح البيع في الجميع، ويأخذ الشفيع بالألف؛ كما لو كان الشفيع أجنبياً؛ لأن البائع حابى مع المشتري، والمشتري أجنبي منه، ثم الشفيع يتملك على المشتري، وهو أجنبي منه: فإن خرج من الثلث أخذ به الشفيع، وإن لم يخرج، ولم يجز الوارث: ففي كم تصح؟ فعلى ما ذكرنا من القولين.
والوجه الثاني: إن ترك الشفيع الشفعة: صحت المحاباة مع المشتري؛ كما في المسألة الأولى، وإن لم يترك: فهو كما لو كان المشتري وارثاً: يصح البيع في نصف الشقص بجميع الثمن، على أصح القولين.
والوجه الثالث: لا تجوز المحاباة بحال؛ فلا يصح الشراء إلا في نصف الشقص بجميع الثمن؛ على أصح القولين، وفي الباقي باطل.