وإن قلنا: يجب الأخذ، فلم يأخذ: يعصي بتركه، ولكن لا يجب عليه الضمان؛ كما يجب على صاحب الطعام إطعام المضطر؛ فإن لم يطعمه حتى مات عصى الله تعالى، ولا ضمان عليه، هذا إذا كان الملتقط أميناً؛ فإن لم يكن أميناً- فالأولى: ألا يأخذها؛ لأنه ربما تدعوه نفسه إلى استباحتها وكتمانها.
وإذا أخذ اللقطة: يعرف عفاصها، وهو: الوعاء الذي فيه النفقة من جلدة وغيرها، ووكاءها، وهو: الخيط الذي شد به، وجنسها، وهو: أنه ذهب أو فضة، وقدرها: من الوزن، والعدد، وصفتها، ومعرفة هذه الأشياء لئلا يختلط بماله، وليعرف صدق من يدعيه، وهل يجب الإشهاد عليه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجب؛ لأنه أمانة عنده؛ كالوديعة.
والثاني: يجب؛ كما روي عن عياض بن حمار؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "من التقط لقطة: فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب لأن مالكها غير ظاهر؛ فربما يموت الملتقط، فيتملكها وارثه، ويضيع حق المالك؛ بخلاف الوديعة؛ فإن مالكها ظاهر يدعيها.
فإن قلنا: يشهد: فعلى ماذا يشهد؟ فيه وجهان:
أحدهما: يشهد على صنعتها.
والثاني: وهو الأصح: يشهد على أصلها، ويكون على جنسها دون صنعتها، حتى لا يأخذها الشاهد، فيدعيها لنفسه.
ويجب أن يعرفها سنة بالنهار في الأسواق ومجامع الناس وأبواب المساجد في أوقات الصلوات؛ لاجتماع الناس.
ولا يعرف في المسجد؛ لما روي عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك؛ فإن