الحيلولة بينها وبين الوارث؛ كالغاصب: يضمن قيمة العين، وإن لم يزل ملك المالك عن العين؛ ولأن قيمة العين بالمنفعة، وقد جعلها للغير، وكما لو باع بثمن مؤجل: يعتبر جميع قيمتها من الثلث.
والثاني: خرجه ابن سريج-: يعتبر ما بين قيمته مسلوب المنفعة وغير مسلوب المنفعة، وإن كانت مؤقتة تقوم كامل المنفعة ومسلوب المنفعة سنة؛ لأن الرقبة باقية على ملك الورثة، وقيمتها محسوبة عليهم.
والوجه الثالث: إن أوصى بها مؤبداً-: يعتبر جميع قيمته من الثلث، وإن أوصى مؤقتاً-: تقوم المنفعة سنة؛ فيعتبر قدرها من الثلث، ولا تقوم الرقبة؛ لأن الرقبة لم تصر مسلوبة المنفعة؛ لأن منافعها بعد مضي المدة تكون للوارث؛ ولأن المنافع إذا تأبدت لا يُعرف قدرها، حتى يعتبر من الثلث، وإذا تأقتت- يُعرف قدرها؛ فيمكن اعتبارها من الثلث.
وقال الخضري: إذا كان مؤقتة-: يبنى على جواز بيع الدار المكراه، إن لم نجوز بيعها -: يعتبر جميع قيمتها من الثلث، وإن جوزنا بيعها-: فتعتبر المنفعة من الثلث، فإن قلنا: يعتبر خروج جميع العين من الثلث: فإن كانت قيمة العبد، أو قيمة الدار مائة، وله سواها مائتان-: صحت الوصية في الكل، وإن لم يكن له مال سواه-: صحت الوصية في ثلث منافع الدار، ويبقى ثلثا المنافع مع جميع الرقبة للوارث.
قال الخضري: إذا أوصى بخدمة عبده سنة، ولم يعين، بل قال: سنة من السنين-: فتعيينه إلى الوارث، أو أوصى بثمرة بستانه العام، وقال: إن لم يثمر-يستحق ثمر العام الثاني، أو جعل له خدمة عبده العام: فإن مرض هذا العام - خدم عاماً آخر، أو أوصى بخدمته مدةحياة زيد-: فهذا كله صحيح، وهو كما لو أطلق في أنه يعتبر جميع قيمته من الثلث، لأنه لا تتعين له سنة، حتى تعتبر منفعتها، ولا يجوز بيعه؛ فتبنى على بيع المُكراة؛ لأنه لا يدري متى يخلص منفعته للمشتري، فإن عين عاماً معلوماً، بحيث إن أخلف - لم يستحق الموصى له بعد ذلك شيئاً-: ففي جواز بيعه قولان؛ كالمُكراة.
ولو أوصى بالرقبة لواحد، وبالمنفعة لآخر قومت الرقبة في حق الموصى له بها، والمنفعة في حق الآخر.
وإذا أوصى بمنفعة عبدٍ أو ولدٍ، فعين العبد والدار يكون أمانة في يد الموصى له، حتى لا يلزمه ضمان الرد، ونفقة العبد تكون على الوارث؛ وكذلك: فطرته، سواء قال: مؤبداً أو مؤقتاً؛ كما لو أجر عبده من إنسان، أو أعار: تكون نفقته على المالك، حتى لو أوصى لإنسان بمنفعة عبده، ولآخر برقبته، فقبلا-: تكون نفقته وفطرته على الموصى له بالرقبة؛ كالمؤبد وجهاً واحداً.