ولا حَظَّ فيه لوالي الإقليم ولا للإمام؛ لأن الله تعالى جعله للعامل لا للإمام، وأجرة الإمام إن لم يتطوع من خُمس الخمس سهم المصالح.
رُوي أن عمر شرب لبناً، فأعجبه، فأخبر أنه من نعم الصدقة، فأدخل إصبعه فاستقاءه.
فإن فضل من سهم العامل- وهو الثمن - شيء-: يُرد إلى سائر الأصناف، وإن لم يف سهمه بأجرة عمله يكمل من مال الصدقة على أصح القولين، وفيه قول آخر: أنه يكمل من خُمس الخمس سهم المصالح، الأول أصح؛ كما أن أجرة من يقوم بحفظ مال اليتيم وجمعه تكون من مال اليتيم.
ومن أصحابنا من قال: الإمام بالخيار، إن شاء أكمل من خمس الخمس، وإن شاء من الصدقة.
ومنهم من قال: إن بدأ بسهم العامل فمن مال الصدقة، وإن بدأ بالأصناف، فأعطاهم، ثم وقع في سهم العامل نقص-: أتمه من مال المصالح؛ لأنه يشق استرجاعه من الأصناف، وفي أجرة الكيال وجهان:
قال أبو إسحاق: تكون من الصدقة؛ كأجرة العامل.
وقال ابن أبي هريرة: تكون على رب المال؛ لأنها تجب للإيفاء، والإيفاء على رب المال، فتكون أجرته عليه.
وإن لم تقع الكفاية بعامل واحدٍ، يزيد بقدر ما يحتاج إليه، وإن ولى الإمام واحداً بلداً وأهل الصدقات يحملون إليه صدقاتهم من غير احتياج إلى عامل، أو حملوا بأنفسهم إلى الإمام-: سقط سهم العامل؛ كما لو دفع رب المال الزكاة بنفسه.
والصنف الرابع: هُم المؤلفة قلوبهم، وهم قسمان: مسلمون، وكُفار:
أما المسلمون: فأقسام: قسم دخلوا في الإسلام، ونيتهم ضعيفة، فيؤلفهم الإمام بمالٍ أعطاهم لتتقوى نيتهم في الإسلام؛ كما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم عنبسة بن بدر، والأقرع بن حابسن وأبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية.
أو كانت نيتهم قوية، ولهم شرف في قومهم، فأعطاهم؛ ترغيباً لأمثالهم في الإسلام؛ كما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم- عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر.
وهل يعطى هذان الفريقان بعد النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ فيه قولان
أحدهما: لا يُعطون؛ لأن الله تعالى أغنى الإسلام عن أن يتألف عليه رجالٌ.