وأما غير الأب والجد لا يجوز لهم تزويج المجنونة الصغيرة؛ لأن تزويجها إجبار، وليس لغير الأب والجد ولاية الإجبار، فإن بلغت زوجها السلطان بمشورة أوليائها من الإخوة والإعمام، وغيرهم، إن كانوا لها، أو يأذن لهم في تزويجها.
وتلك المشورة مستحبة، أم واجبة؟ فيه وجهان:
أحدهما: مستحبة؛ لأن تزويجها بالإذن.
فإن لم تكن المرأة من أهل الإذن، فلا ولاية لهم.
والثاني - وهو الأصح-: أنها واجبة؛ لأنهم أولياء، والسلطان يقوم مقام المجنونة فيمن يكون إذنها شرطاً؛ ما أنه يلي أمر مالها؛ ولا خلاف أن أولياء النسب سوى الأب والجد ينفردون بتزويجها.
وقيل: الأب يحتاج إلى إذن السلطان في تزويج المجنونة البالغة الثيب بدلاً عن إذنها.
وإن كانت البنت تُجن يوماً، وتفيق يوماً، فلا يجوز تزويجها؛ حتى تفيق، فتأذن، وتبقى على الإفاقة؛ حتى يفرغ من التزويج؛ فإن عاودها الجنون قبل الفراغ من العقد، بطل الإذن؛ كالوكالة تبطل بالجنون والإغماء؛ وإذا قبل الرجل لابنه الصغير، أو لابنه المجنون نكاح امرأة -فليس له أن يخالع عنه؛ كما لا يطلق عنه، ولا يفسخ عنه؛ بخلاف النكاح؛ فإنه من مصالح ابنه؛ كالإنفاق عليه.
وقال عطاء: يجوز أن يطلق عليه.
وقال الزهري، ومالك: يجوز بالعوض.
ولو ادعت المرأة عنه زوجها المجنون، لا تُضرب له المدة، لأن الزوج لو كان عاقلاً بما يدعي الإصابة، وإن كانت بكراً فربما يدعي عليها الامتناع من التمكين بخلاف ما لو كان به عيب آخر، لها الفسخ.
ولو زوج ابنته المجنونة ثم اختلعها بمال نفسه، صح الخلع، ولزم المال، لأن الطلاق بيد الزوج، ثم إن لم يكن لها فيه نظر أثم فإن اختلعها على مالها وقع رجعياً، ولايجوز للأب أن يبرأ عن شيء من صداق ابنته المجنونة.
ولو هربت المجنونة من الزوج، وامتنعت، لا نفقة لها، ولا قسم؛ العاقلة إذا نشزت.