باب النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه
رُوي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال: "لا يخطب الرجل على خطبة أخيه.
إذا خطب الرجل امرأة، فأجابت - لا يوز لغيره خطبتها ما لم يترك الأول، أو يأذن، غير أنه لو خطب ونكح - صح.
ولو ردت الأول يجوز للغير خطبتها، وكذلك لو سكتت، أو لم يُدر أنها أجابت، أو ردت - نجيز للغير خطبتها.
والدليل عليه: أن فاطمة بنت قيس مات عنها زوجها، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إذا حللت فآذنيني". فلما حلت، أخبرته أن معاوية، وأبا جهم خطباني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، أنكحي أسامة". ومعلوم أن فاطمة لم تكن أذنت لواحد منهما؛ إذ لو أذنت لم يخطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - على غيرهما، بل كانت سكتت.
وقوله في أبي جهم: "لا يضع عصاه عن عاتقه" قيل: أراد به كثير السفر.
وقيل: كثير الضرب للنساء. ولم يكن ذلك من باب الغيبة؛ لأن الغيبة أن يذكر مساويء رجلٍ من غير عرض، فإن كان لغرض بأن شاوره رجلٌ في مواصلة إنسان، فأخبره بما عرف منه؛ فهو من باب الحسبة. وإن لم تُجب الأول صريحاً، ولكن وجد منها ما يدل عليه؛ بأن قالت: استشر في هذا، أو قالت: أنت مرغوب فيك، أو أحدث في شرط العقد - فيه قولان:
في القديم: لا يجوز للغير خطبتها.
وفي الجديد - وهو الأصح: يجوز؛ لأنها لم تصرح بالإجابة كما لو سكتت، والاعتبار برد المرأة وإجابتها، لا برد وليها وإجابته، وإن كانت ثيباً أو عن كانت بكراً، ووليها غير الأب والجد؛ فإن كانت بكراً ووليها أبوها أو جدها - فالاعتبار برد الأب أو الجد وإجابتهما، ولا اعتبار برد المرأة وإجابتها.
وفي المجنونة: الاعتبار برد السلطان وإجابته، وفي الأمة برد السيد وإجابته. والله أعلم.