ولو استنجى بالحجر الثاني والثالث، ولم يتعلق به شيءٌ من لوث- جاز الاستنجاء به. ولو استنجى بشيء أملس من زجاجٍ، أو قصبٍ، أو حديدٍ أملس- لا يسقط الفرض عنه؛ لأنه لا يقلع النجاسة، ويجب الغسل بالماء؛ لأنه ينشر النجاسة.
ولو استنجى بمحترمٍ من مطعومٍ، أو ورق مصحفٍ، أو عضوٍ من أعضاء حيوانٍ يعصي الله تعالى، وهل يسقط الفرض عنه؟
إذا كان قالعاً فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنه معصيةٌ.
والثاني: يسقط؛ لأنه قلع النجاسة.
فإن قلنا: لا يسقط، فلو استنجى بعده بالحجر يجوز؛ لأنه لم ينشر النجاسة ولم يزدها.
ولو استنجى بشيء مأكول ما في جوفه؛ كالجوز واللوز ونحوه- يكره، ويسقط الفرض عنه. فإن زايله القشر؛ فاستنجى بقشره- لم يكره.
ولو استنجى بعظمٍ ذكي طاهرٍ، يعصي الله تعالى؛ لأنه مطعومٌ؛ روي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "لا تستنجوا بالروث، ولا بالعظام؛ فإنه زاد إخوانكم من الجن".
ثم إن كان العظم عليه زهومةٌ لا يسقط الفرض عنه، ويجب الغسل بالماء لأنه لا يقلع النجاسة، بل ينشرها.
وإن كان قالعاً، فوجهان.
ولو استنجى بجلد طاهرٍ، فيه ثلاثة أقوال:
قال في رواية عن حرملة: "لا يجوز؛ لأنه في معنى الرمة".
وقال في رواية البويطي: "يجوز؛ لأنه طاهرٌ قالعٌ؛ كالحجر".
وقال في "الأم"- وهو الأصح-: "إن كان مدبوغاً يجوز؛ سواء كان جلد ذكي، أو جلد ميتةٍ؛ لأنه تحول بالدباغ عن طبع اللحم إلى طبع الثياب. وإن كان جلد ذكي لم