إذا تيقن الطهارة، وشك في الحدث، فله أن يصلي؛ لأن الأصل بقاء الطهارة. وإن وقع هذا الشك في الصلاة مضى في صلاته ولا يجوز أن يخرج، ويبطل العبادة.
وقال مالك: عن وقع هذا الشك في الصلاة، مضى في صلاته.
وإن كان خارج عن الصلاة، فلا يصلي حتى يتوضأ. والحديث حجةٌ عليه؛ لأنه لم يفصل بين الحالين، فلو شك في الحدث، وتوضأ على الشك، ثم بان أنه كان محدثاً- لم يصح وضوؤه؛ لأن وضوؤه لم يستند إلى أصل حدثٍ.
ولو تيقن الحدث وشك في الطهارة لا يجوز له أن يصلي حتى يتوضأ؛ لأن الأصل بقاء الحدث. فلو توضأ، ونوى أنه كان محدثاً- فهو فرض طهارته، وغلا فهو تجديد وضوئه على الفرض؛ حتى لو زال شكه بعد ذلك، وتيقن الحدث لا يجب عليه إعادة الوضوء؛ لأنه استند إلى يقين حدثٍ.
ولو تيقن الطهارة، وتيقن أنه رأى رؤيا بعدها، ولا يذكر نوماً- فعليه الوضوء، ولا يحمل على النوم قاعداً؛ لأنه خلاف العادة. وإن شك أنه كان رؤيا، أو حديث نفسٍ- فلا وضوء عليه؛ لأن الأصل بقاء الطهارة.
ولو تيقن الطهارة والحدث، ولم يدر أيهما كان أسبق- فينظر إلى الحالة التي قبلها: فإن كان في تلك الحالة متطهراً، فهو الآن محدثٌ؛ لأنه تيقن حدثاً رافعاً لتلك الطهارة، وشك في طهارة رافعةٍ لهذا الحدث، والأصل بقاء الحدث. وإن كان في تلك الحالة محدثاً، فهو الآن متطهرٌ؛ لأنه تيقن طهارة رافعةً لذلك الحدث، وشك في حدثٍ رفع هذه الطهارة، والأصل بقاؤها.
ولو سمع من بين رجلين صوتُ حدثٍ، وكل واحد ينفيه عن نفسه، يجوز لكل واحد منهما أن يبني على يقين نفسه؛ فيصلي. فلو اقتدى أحدهما بالآخر، فصلاة الإمام صحيحةٌ، وصلاة المأموم باطلة؛ لأنه ينفي الحدث عن نفسه، ويجعله في إمامه، ولا يصح الاقتداء بإمام هو عنده محدثٌ.