والثاني: لا يستحب؛ لأن هتك الستر قد حصل؛ فلا ستحب له تكذيب نفسه.
والرجوع: أن يقول: ما زنيت، أو رجعت عما قلت، أو كذبت فيما قلت، حتى لو بقيت جلدةٌ واحدةٌ، أو في الرجم رجع قبل مفارقة الروح-: يجب تركه.
وكذلك: لو قال: كنت فاخذت أو لمست وننته زنى -: يقبل قوله، ولا يجد، ولو قال: لا تقيموا عليَّ الحد-: لا يسقط؛ كما لو هرب.
ولو شهد الشهود على إقراره بالزنى، فرجع عن إقراره-: سقط عنه الحد، أما إذا قال: ما أقررت: لا يسقط؛ لأنه يكذب الشهود.
وكذلك من أقر على نفسه بسرقة موجبة للقطع أو بقطع الطريق، ثم رجع عن إقراره-: يسقط عنه حد القطع، ولا يسقط ضمان المال؛ لأنه من حقوق العباد.
وقيل: لا يسقط القطع أيضاً؛ لأنه لصيانة حق الآدمي كحد القذف والقصاص لا يسقط بالرجوع عن الإقرار.
والأول المذهب، حتى لو رجع بعدما قطع بعض يده-: لا يجوز قطع الباقي، فإن بقيت جلدة لا تُبان إلا بإذنه، بأن كانت تؤذيه: فإن قال السارق: أبنه-: فالقاطع بالخيار بين أن يترك أو يبين.
ولو قال: زنيت بفلانة-: فهو مقر على نفسه بالزنى، قاذفٌ لفلانة: فإن أنكرت فلانة، أو قالت: كنت تزوجتني-: يجب على الرجل حد الزنا، وحد القذف، ولا يجب على المرأة شيء، فلو رجع-: يسقط عنه حد الزنا ولا يسقط حد القذف، ولو قال: أكرهت فلانة على الزنا-: يجب عليه حد الزنا والمهر، ولا يجب حد القذف، فلو رجع-: يسقط عنه حد الزنا، ولا يسقط المهر.
ولو تاب الزاني أو السارق أو شارب الخمر-: هل يسقط عنه الحد والقطع؟ فيه قولان؛ سواء ثبت عليه الحد بالبينة أو بالإقرار:
أصحهما- وهو قوله الجديد، وبه قال أبو حنيفة-: لا يسقط؛ لأنه يصير ذريعة إلى إسقاط الحدود.
وقال في القديم: يسقط؛ لما روي؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول لماعزٍ: "ارجع، فاستغفر الله، وتب إليه".