إذا انقطع دمها في خلال الصلاة، تبطل صلاتها؛ لأن المستحاضة قد أحدثت بعد الطهارة حدثاً، وجوزنا صلاتها معه؛ لأجل الضرورة، وقد زالت الضرورة، ولم يوجد من المتيمم بعد تيممه حدثٌ. ورؤية الماء ليست بحدث؛ بدليل أنه لو كان معه ماء- وهو محتاج إليه لشربه- يجوز له أن يصلي بالتيمم، غير أن القدرة على استعمال الماء يعيد حكم حدثه السابق. وإذا وجد الماء في خلال الصلاة فهو غير قادر على استعماله شرعاً؛ لأن حرمة الصلاة تمنعه؛ فصار كمن لا يقدر على استعماله لمانع حسي من لص أو سَبُعٍ يمنعه عن الماء، لا يبطل تيممه. وجعل بعض أصحابنا في بطلان صلاة المتيمم يجد الماء، والمستحاضة ينقطع دمها جميعاً- قولين؛ بنقل جواب إحدى المسألتين إلى الأخرى.
وقال الثوري، وأبو حنيفة، وأكثر أهل العلم: تبطل صلاة المتيمم بوجود الماء؛ كالمعتدة بالأشهر ترى الدم في خلالها تنتقل إلى الأقراء.
قلنا: لأنها لم تتلبس بالمقصود. نظيره فيما نحن فيه؛ أن يرى الماء في أثناء التيمم يبطل تيممه، ونظيره ما نحن فيه من المعتدة: أن ترى الدم بعدما اعتدت بالأشهر ونكحت، لا يجب عليها أن تعتد بالأقراء.
إذا ثبت أن صلاته لا تبطل بوجود الماء؛ فهل يستحب له الخروج عن الصلاة؟ فيه وجهان:
أصحهما: يستحب، حتى يستأنفها بالوضوء للخروج عن الخلاف.
والثاني: لا يجوز أن يخرج؛ لما فيه من إبطال العمل، والله - عز وجل- يقول: {} محمد: 33 فإذا لم يخرج، فكما فرغ من الصلاة والماء قائم، يبطل تيممه، وإن تلف الماء قبل فراغه من الصلاة؛ نظر: إن لم يعلم بتلفه حتى سلم فلما سلم بطل تيممه؛ لتوهم القدرة على الماء.
وإن علم بتلفه قبل الفراغ من الصلاة، فلا يبطل تيممه؛ على الصحيح من المذهب؛ حتى يجوز له أن يتنفل بعده بذلك التيمم.
وقال صاحب "التلخيص": قد بطل تيممه بوجود الماء، إلا في حق الصلاة