وكذلك لو خرج قاضي بلد إلى بلد آخر؛ فأخبر الخارج قاضي البلد الذي خرج إليه- لا يحكم به.
وإذا أخبر ذلك القاضي هذا الخارج، فإذا عاد هل يمضيه؟ فعلى قولين؛ لأن إخباره بالقضاء كإنشاء القضاء، ومن حضر لم يكن في محل ولاية الخارج.
ومن حضر في مجلس الحكم؛ فسمع القاضي قضى بشيء لإنسان- له أن يشهد به وإن صار قاضياً بعده هل يقضي به؟ فيه قولان.
ولو نادى القاضي في ولايته: أني حكمت لفلان على فلان بكذا؛ فسمع عدلان قوله وشهدا بين يدي قاض بلد آخر على المحكوم عليه- يجب على من شهدا عنده الحكم به.
وإذا سمع القاضي الشهادة على غائب، ثم حضر الغائب قبل القضاء- لا يجب إعادة الشهادة؛ بخلاف شهود الأصل إذا حضروا بعدما شهد شهود الفرع قبل القضاء لا يقضي إلا بشهادة شهود الأصل؛ لأن شهود الفرع والبدل لا حكم له بعد حضور الأصل.
وإذا حكم القاضي على غائب بحق، ثم قدم الغائب أو على صبي؛ فبلغ الصبي- كان على حجته في القدح في الشهود وإقامة البينة على قضاء الحق، والإبراء عنه.
ولو أقام وكيل المدعي بينة على وجه وكيل المدعى عليه، وحكم القاضي به، ثم حضر المدعى عليه، وقال: كنت عزلت الوكيل قبل إقامة البينة- لا ينفعه ذلك؛ لأن القضاء على الغائب جائز.
ولو حضر المدعي وقال: كنت عزلت وكيلي قبل إقامة البينة، وقلنا: ينعزل الوكيل قبل بلوغ الخبر إليه- لا يصح الحكم؛ لأن القضاء للغائب لا يجوز. والله أعلم.
باب القسام
قال الله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا} النساء: 8.
فيه دليل على أن المال إذا كان مشتركاً بين جماعة، يجوز لهم أن يقسموا؛ ليتميز نصيب كل واحد منهم؛ فيتمكن كل واحد من التصرف في نصيبه كيف شاء ويتخلص من سوء المشاركة؛ وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يقسم الغنائم بين الغانمين.