قضاء القاضي لا ينفذ إلا ظاهراً؛ حتى لو شهد شاهدان على إنسان بشيء زوراً، فقضى القاضي به، ولم يعلم- لا يحل للمشهود له أخذ ما قضى له.
ولو شهدا بالطلاق كذباً، فقضى القاضي، لا يحرم على المشهود عليه وطؤها.
وعند أبي حنيفة: ينفذ قضاؤه ظاهراً وباطناً في العقود والفسوخ؛ حتى قال: لو شهد شاهدان بالزور؛ أن فلاناً طلق زوجته ثلاثاً، ونكحها هذا، فقضى به القاضي- قال: يحرم على الأول، ويحل للثاني وطؤها؛ وبالاتفاق: لا ينفذ قضاؤه ففي الأملاك المطلقة إلا ظاهراً؛ والحديث حجة عليه.
فإن قيل: إذا كان الشهود صادقين، أليس ينفذ قضاؤه ظاهراً وباطناً؟
قلنا: قضاؤه لا ينفذ إلا ظاهراً؛ غير أن الشهود إذا كانوا صادقين وقضاء القاضي وافق ما عند الله تعالى- فهذا بخلاف اللعان؛ حيث تقع به الفرقة ظاهراً وباطناً، وإن كان الزوج كاذباً؛ لأن اللعان سب الفرقة؛ كالطلاق.
وكذلك إذا اختلف المتبايعان تحالفا، وفسخ العقد و يرتفع العقد ظاهراً وباطناً؛ لأنه سبب الفسخ؛ كالرد بالعيب.
أما في المجتهدات؛ مثل: أن قضى حنفي بشفعة الجار، أو بانقطاع الرجعة في كنايات الطلاق، أو بوقوع الطلاق بتعليق سبق النكاح- فالصحيح أنه ينفذ قضاؤه ظاهراً وباطناً؛ لأن نفوذه لاختلاف العلماء، ولا يتصور ارتفاعه، وظهور بطلانه يقيناً في الدنيا.
وقال أبو إسحاق الإسفراييني: لا ينفذ قضاؤه في المجتهدات إلا ظاهراً.
وقيل: إذا كان حكم الحاكم بخلاف رأي المحكوم له؛ بأن حكم له بالشفعة بسبب الجوار؛ وهو يعتقد خلافه- فيجوز ذلك.
قال: ولا يحل له أخذه. والصحيح: أنه يحل له أخذه بحكم الحاكم؛ سواء قلنا: وافق رأيه أو خالفه، إلا أن يتبين بما لا يحتمل أنه حكم بخلاف الحق؛ فحينئذ يرد. وهل