وإن كذبه، لم يجز أن يشهد به؛ لأن النسب لا يثبت مع إنكاره. وإن سكت، فله أن يشهد به؛ لأن السكوت رضا في النسب؛ بدليل أنه إذا بشر بمولود؛ فسكت عن نفيه، لحقه النسب.
ومن أصحابنا من قال: لا يجوز أن يشهد مع السكوت؛ حتى يتكرر الإقرار من المقر.
ويثبت الموت بالاستفاضلة، وبظاهر الأخبار إذا استفاض أن فلاناً قد مات، جاز أن يشهد به.
واختلفوا في عدد من يثبت بقولهم: منهم من قال: إذا سمع من عدلين، جاز أن يشهد به؛ كما يجوز للحاكم أن يحكم بشهادة عدلين ومنهم من قال: لا يجوز أن يشهد؛ حتى يسمع من عدد يقع العلم بخبرهم؛ بحيث لا يجوز عليهم التواطؤ؛ لأن ما دون ذلك من أخبار الآحاد لا يقع به العلم.
وعند أبي حنيفة: يجوز أن يشهد على الموت بقول عدل واحد.
أما الشهادة على الملك: إذا رأى داراً أو عبداً أو عيناً في يد إنسان مدة طويلة، يتصرف فيها تصرف الملاك، لا ينازعه فيها أحد- جاز أن يشهد له بالملك مطلقاً؛ لأن التصرف مع امتداد المدة دليل الملك.
ومن أصحابنا من قال؛ وهو قول أبي إسحاق: يجوز أن يشهد له باليد، ولا يجوز أن يشهد له بالملك؛ لأنه قد يكون في يده بإجارة، أو يكون وكيلاً للغير، يتصرف فيه باليد، والتصرف لا يدل على الملك.
والأول أصح.
فإذا قبلنا الشهادة، فلا يقول الشاهد في شهادته: إني رأيته يتصرف فيه تصرف الملاك من غير منازع، وإذا شهد هكذا لا يسمع، بل يده وتصرفه تطلق، إن شهد له بالملك مطلقاً.
ولو رآه في يده مدة طويلة؛ لكنه لا يتصرف فيه، أو رآه في يده زماناً يسيراً، يتصرف فيه- يجوز له أن يشهد له باليد، ولا يجوز أن يشهد بالملك.
وإن رآه في يده مدة طويلة يتصرف فيه، ولكن الناس لا ينسبونه إليه- فيجوز له أن يشهد له باليد. وهل يجوز له أن يشهد له بالملك؟ فيه وجهان.