وعند مالك: شهادة الأعمى تقبل على الإطلاق؛ لأنه يميز بالصوت؛ كما تقبل منه رواية الحديث، وله أن يستمتع بزوجته؛ لأنه يميز بالصوت.
قلنا: الشهادة تعتمد العلم، ولا يحصل ذلك بالسماع؛ لأن الصوت يشبه الصوت، ورواية الحديث، والاستمتاع بالزوجة تجوز بالظن؛ وهو خبر الواحد، وأيضاً جوزنا له الاستمتاع بزوجته؛ للضرورة، ولا ضرورة له في الشهادة؛ كالقضاء لا يجوز من الأعمى.
ولو تحمل الشهادة على امرأة في إقرار أو بيع، فلا يصح؛ حتى يرى وجهها ويكتب حليتها؛ حتى يعرفها إذا احتاج إليه؛ فلو لم تكشف وجهها وعرفها رجلان، لا يصح التحمل.
ولو قال الرجلان: نحن نشهد أن هذه فلانة بنت فلان تقر لفلان بكذا- فالمعروف كشاهد الأصل، والسامع كشاهد الفرع.
وكان الشيخ القفال يكتب في مثل هذا: ثبت عندي بشهادة فلان وفلان إقرار فلانة بكذا، ثم لا يقبل شهادته بمحضر المعرفين؛ كما لا تقبل شهادة شهود الفرع بمحضر شهود الأصل.
وكل علم تطلق له الشهادة تطلق له اليمين في الدعوى عليه.
ويجوز أن يحلف على ما لا يجوز أن يشهد على مثله؛ وذلك أن يجد في تذكرة أبيه: أن لي على فلان كذا؛ فادعى عليه، وأنكر المدعى عليه، ونكل عن اليمين- هل له أن يحلف؟
قال الشيخ القفال رحمه الله: إن المدعى يعتمد على كتبة أبيه؛ بحيث أنه لو وجد في تذكرته: أن لفلان على كذا، لا يجد من نفسه أن يحلف على نفيه، ويؤدي ذلك المال من تركته؛ فله أن يحلف في رد اليمين إليه إذا كان هو المدعى. وبمثله لو وجد في تذكرة أبيه: أن لفلان على فلان كذا، لا يجوز أن يشهد عليه؛ سواء صدق أباه أو لم يصدقه.
ولا يقبل شهادة الأخرس بالإشارة؛ لأن إشارته محتملة، والشهادة أمرها على الاحتياط.
وقال ابن سريج: تقبل منه، كما يصح منه سائر التصرفات بالإشارة؛ والأول