وهل يجب كِتْبَةُ الذكر إذا دعي إليه الكاتب؟ فكالتحمل إن كان ثم غيره لا يجب، وإلا فوجهان.
فإن قلنا: لا يجب، فإذا كتب له طلب الأجرة؛ وإن قلنا: يجب، فهل له طلب الأجرة؟ فيه وجهان؛ كما لو أسلم رجل، ولم يكن من يعلمه الفاتحة إلا واحد- يجب عليه تعليمه وهل له طلب الأجرة؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا يجوز؛ لأنه وإن افترض عليه، فإنما وجب عليه لفقد الغير، لا أنه فرض على العين؛ كما يجب عليه بذل الطعام للمضطر، وله طلب الثمن.
أما تلقين الكافر كلمة الشهادة ففرض على العين؛ فلا يجوز أخذ الأجرة عليه.
فصل في شهادة الحسبة
روي عن زيد بن خالد الجهني؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بخير الشهداء؛ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها".
وروي عن عمران بن حصين؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "ثم يجيء قوم يعطون الشهادة قبل أن يسألوها"، وهذا ذكره على سبيل الذم لهم.
ووجه الجمع بين الحديثين: أن الأول فيما تقبل فيه شهادة الحسبة، والثاني فيما لا تقبل فيه شهادة الحسبة.
وجملته: أن ما كان من حقوق الله- تعالى- مثل: حد الزنا، والشرب، وقطع السرقة، وحد قاطع الطريق، والزكاة، والكفارات، والإسلام، والطلاق، والعتاق، والاستيلاد- تقبل فيها شهادة الحسبة؛ غير أن ما كان من حدود الله تعالى يستحب ألا يشهد به؛ لأنه مندوب إلى ستره، وكذلك النسب، والبلوغ، وبقاء العدة، وانقضاؤها- تقبل فيه شهادة الحسبة.