الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} آل عمران: 89.
ولا بد من مضي مدة عليه في حسن الحال؛ حتى تقبل شهادته، وتعود ولايته وقدر أصحابنا تلك المدة بسنة؛ حتى تمر عليه الفصول الأربعة التي تتغير فيها الأحوال والطباع؛ كما يضرب للعنين أجل سنة. وقد علق الشرع أحكاماً بالسنة من الزكاة، والجزية، والعقل.
وإن كانت المعصية بالقول: فإن كانت ردة، فالتوبة عنها أن يظهر الشهادتين، وإن كان قذفاً: قال الشافعي رضي الله عنه: فالتوبة منه إكذابه نفسه؛ فاختلف أصحابنا فيه.
قال الإصطخري: يقول: كذبت فيما قلت: ولا أعود إلى مثله.
وقال أبو إسحاق: لا يقول: كذبت؛ لأنه ربما يكون صادقاً، بل يقول: القذف باطل، ندمت على ما قلت، رجعت عنه؛ فلا أعود إليه. فلا بد من إصلاح العمل من بعد، ومضي المدة؛ كما ذكرنا في الفسق بسبب الزنا والسرقة.
فأما شهود الزنا إذا لم يتموا أربعة: فإن قلنا: لا حد عليهم، فلا حاجة إلى التوبة. وإن قلنا: يجب عليهم الحد، فالتوبة أن يقول: ندمت على ما قلت، ولا أعود إلى مثله، ولا يشترط فيه مضي المدة لإصلاح العمل، لأن عمر- رضي الله عنه- كان يقول لأبي بكرة: تب أقبل شهادتك. ولم يذكر إصلاح العمل؛ بخلاف القذف الصريح؛ فإن هناك سقطت شهادته بالنص؛ فلزم إصلاح العمل بالنص.
والشاهد على الزنا إن لم يتب، فخبره مقبول وإن لم تقبل شهادته؛ فإن أبا بكرة مقبول الرواية بالاتفاق.
والقاذف ترد شهادته بمجرد القذف؛ سواء قذف محصناً، أو غير محصن؛ حراً أو