وروي عن ابن عباس؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه".
وروي عن علقمة بن وائل، عن أبيه قال: "جاء رجل من حضرموت، ورجل من كندة إلى النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال الحضرمي: يا رسول الله، إن هذا قد غلبني على أرض لي كانت لأبي؛ فقال الكندي: هي أرضي في يدي أزرعها، ليس له فيها حق؛ فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- للحضرمي: ألك بينة؟ قال لا؛ قال: "فلك يمينه" قال: يا رسول الله؛ إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه؛ قال: "ليس لك منه إلا ذلك".
الدعوى في اللغة هي التمنى، قال الله تعالى: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} يس: 57 أي يتمنون.
ومن ادعى شيئاً لا يعطى إليه ما يدعيه إلا بحجة يقيمها؛ كما قال الله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} البقرة: 111 طلب منهم البرهان على دعواهم، والنبي- صلى الله عليه وسلم- جعل البينة حجة للمدعي، واليمين حجة للمدعى عليه.
قال أبو حنيفة: المدعي من يثبت شيئاً، والمدعى عليه من ينفيه. وللشافعي رضي الله عنه فيه قولان استنبطهما أصحابه من مسائله:
أحدهما: المدعي من يدعي أمراً باطناً، والمدعى عليه من يدعي أمراً ظاهراً.
والثاني: المدعي من لو سكت ترك، وسكوته، والمدعى عليه من لا يترك وسكوته.
بيانه: من ادعى على إنسان ديناً؛ فأنكر، أو ادعى عيناً في يده؛ فأنكر- فالمديع يدعي أمراً باطناً؛ وهو اشتغال ذمة المدعى عليه وما في يد المدعى عليه ليس له والمدعى عليه يدعي