منفرداً ويستحبُّ أن يؤذن على مكان مرتفع، ليكون مؤته أبلغ إلى الإسماع؛ كان بلال يؤذِّن على ظهر بيت امرأة من بني النجار بيتها أطول بيت حول المسجد.
أما الإقامة: فلا يحتاج فيها إلى مكان عال؛ لحصول الإعلام بالأذان.
ويستحب ألا يتكلم في أذانه، ولو سلَّم عليه رجل، يجيب بالإشارة، ولا يشمِّت العاطس؛ فإذا فرغ، ردَّ السلام، وشمَّت العاطس.
ولو عطس هو حمد الله في نفسه، وبنى فلو رد السلام، أو شمَّت في خلاله، أو تكلَّم بما فيه مصلحةٌ- لم يكره؛ لأنه ليس بأكثر من الخطبة، وقد تكلَّم النبي- صلى الله عليه وسلم- في الخطبة وإن تكلم في الأذان، أو نام، أو سكت- بنى على أذانه إن كان يسيراً؛ فإن طال، استأنف، ولو أغمي عليه في خلال أذانه فأفاق، والفصل قريب بنى.
ويستحب أن يستأنف، بخلاف ما لو تكلَّم يسيراً، لا يستحبُّ الاستئناف، لأنه بالإغماء خرج من أن يحسب أذانه. ولو ارتد في أذانه والعياد بالله- ثم أسلم- نصَّ على أنه لا يبني ونص في المعتكف إذا ارتدَّ، ثم أسلم؛ أنه يبني على اعتكافه: فمنهم من جعل فيهما قولين:
أحدهما: يبني؛ كما لو تكلم.
والثاني: يستأنف؛ لأنه عبادة واحدة؛ فتبطل بالرِّدَّة؛ كالصلاة، والحج.
ومنهم من قال: يجوز البناء، حيث لم يجوز أراد به إذا طال زمان الرِّق ولو ارتد بعد الفراغ من الأذان، ثم أسلم؛ فأقام- جاز.
ويستحب أن يؤذن غيره، ويقيم؛ لأن ردته تورث شبهة في حاله.
ولو أغمي عليه في خلال أذانه، وارتد- ليس لغيره أن يبني على أذانه؛ على الصحيح من المذهب. وخرج قول من الخطبة: نه يبني.
والأوَّل هو المذهب؛ بخلاف الخطبة؛ لأنها كلام مع الحاضرين؛ والأذان لإعلام الغائبين؛ فاختلاف الأصوات فيه يؤدي إلى التباس الأمر على السامعين. ويستحبُّ أن يؤذِّن مترسلاً؛ وهو أن يأتي بكلماته منفصلاً مبيِّناً من غير تمديد مجاوزٍ للحدِّ، ولا تغنِّ ولا تطريب ويقيم مدرجاً؛ وهو أن يأتي بكلماتها حدراً من غير تفصيل.
لما روي عن جابر؛ أنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: إذا أذَّنت فترسَّل، وإذا أقمت فاحدُر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشّارب من شربه،