وإن جمع في وقت الثانية، يقيم لكل واحدة منهما، ولا يؤذن للثانية. وهل يؤذن للأولى فعلى أقوال الفائتة.
والأصح: لا يؤذن؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- جمع في الحج بين الظهر والعصر بـ "عرفة" في وقت الظهر بأذان وإقامتين، وجمع بين المغرب والعشاء بـ "المزدلفة" بإقامتين.
ويستحب للمنفرد إذا أراد أن يصلي أني ؤذن. ويقيم.
ويستحب للمرأة أن تقيم ولا تؤذن؛ لأن الأذان؛ لإعلام النَّاس وفي موتها فتنة.
فلو صلى الرجل بلا أذان ولا إقامة أو صلَّت المرأة بلا إقامة- جاز، وترك الإقامة في حق المرأة أحق من ترك الأذان في حق الرجل.
ولو صلى المنفرد في بيته بأذان مؤذِّن الجماعة- جاز، ولو أذن لنفسه، كان أحبَّ إلينا. ولو حضر مسجداً بعدها أقيمت الجماعة؛ نظر: إن لم يكن له إمام راتب لم يكره إقامة الجماعة فيه ثانياً، بل يستحب.
وإن كان له أمامٌ راتبٌ، فقولان:
أصحهما: وبه قال أبو حنيفة: يكره إلا بإذن الإمام.
والثاني: لا يكره، ولا يرفع صوته بالأذان الثاني، بل يؤذّن في نفسه، حتى لا يلتبس الأمرُ على الناس؛ فيظنون دخول وقت صلاة أخرى.
ويستحب للمسافر أن يؤذّن، ويقيم للصلاة؛ كالمقيم؛ لما رويَ عن مالك بن الحويرث، قال: قدمت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنا وابن عمّ لي، فقال لنا: "إذا سافرتما، فأذنا وأقيما، وليؤمَّكُما أكبركما".
وترك الأذان في السفر أخف منه في الحضر؛ لأن السفر يؤثر في تخفيف العبادات؛ كقصر الصلاة، وفطر شهر رمضان، ولأن الأذان يجمع بين الناس، والقوم يكونون مجتمعين في السفر.
وعند أبي حنيفة: تركه في الحضر أخفُّ. ولو أذَّن راكباً يحسب آذانه، والأولى أني نزل للإقامة؛ لأنها تتَّصل بالصلاة.