ومعاينة الكعبة ليس بشرط؛ فإن صلوات أهل "مكة" في دورهم جائزة. وإن كانوا لا يرون الكعبة.
وإذا صلوا صلوا جماعة في المسجد الحرام، يستحب أن يقف الإمام خلف المقام، والقوم يقفون مستدرين بالبيت، وإن كان بعضهم أقرب إلى البيت من الإمام يجوز؛ فلو امتد الصفُّ خلفه، لا تصح صلاة من خرج عن محاذاة الكعبة.
وعند أبي حنيفة: يصح؛ لأن عنده الجهة كافية، وتجوز الصلاة في الكعبة، ويتوجه إلى أي جهة شاء؛ ولو توجه إلى الباب والباب مردود، أو كان مفتوحاً لكن العتبة شاخصة، قدر مؤخرة الرحل- جاز، وإن كانت العتبة دون مؤخرة الرَّحل لم يجز ولو صلوا جماعة في البيت، واختلفت جهة الإمام والمأموم جاز؛ كيف ما وقفوا، إلا أن يجعل المأموم ظهره إلى وجه الإمام؛ فلا يجوز لأنه تقدم على إمامه في الجهة التي توجه الإمام إليها.
ولو وقف الإمام في البيت، والمأموم خارجاً متوجهاً إلى أي جهة كان- جاز.
ولو وقف الإمام خارجاً، والمأموم في البيت- جاز، ويتوجه إلى أي جهة شاء، إلا إلى الجهة التي يتوجه إليها الإمام؛ لأنه حينئذ يكون سابقاً عليه.
ولو صلى على ظهر الكعبة، لا يجوز، إلا أن يكون بين يديه شيء من بناء البيت؛ مثل: مؤخرة الرحل وقال ابن شريج: يجوز، وإن لم يكن بين يديه شيء من بناء البيت إذا وقف؛ بحيث يمكنه السجود؛ وبه قال أبو حنيفة؛ كما لو صلى على جبل أبي قبيس يجوز متوجهاً إلى هذا البيت.
قلنا: ثم لم يقف على مكان البيت، فعدّ مستقبلاً له، وإذا وقف على مكانه لا يعدُّ مستقبلاً له؛ حتى يكون بين يديه شيء من بنائه.
ولو وقف في آخر السطح، وتوجَّه إلى الطرف الآخر، وكان الجانب الذي وقف فيه أخفض من الذي استقبله جاز، ولو نبت على ظهر البيت شجرة أو زرع؛ فتوجه إليه- جاز، ولو غرز خشبة، لم يجز؛ على أصح الوجهين؛ كما لو وضع بين يديه متاعاً، لم يجز فإن كانت الخشبة مبنية فيه، أو مسمَّرة، جاز.
ولو انهدم البيت- والعياذ بالله- فوقف في عرصته، فهو كما لو صلى على سطحه، وإن كان بين يديه من بنائه قدر مؤخرة الرجل، أو جمع ترابه تلّاً؛ فتوجه إليه أو حفر حفرة، ووقف فيها- جاز، وإن لم يكن بين يديه شيء منه، لم يجز، ولو وقف وراء العرصة فتوجه إليه- جاز، وإن لم يكن بين يديه شيء ولو نقل تراب الكعبة أو الأبنية إلى موضع آخر، فبنى بيتاً فتوجه إليه لم يجز؛ لأن القبلة بكَّةٌ، وهي مكان البيت.