وقيل: إن كان في القوم كثرةٌ يجهرون به؛ حتى ينتهي إلى آخرهم، وإن كان المسجد صغيراً، وفي القوم قلةٌ يسمعون تأمين الإمام، يسرون به.
وعند أبي حنيفة: يسر الإمام والمأموم جميعاً؛ فلو نسي الإمام التأمين، أمن المأموم جهراً؛ ليسمع الإمام؛ فيأت به.
ولو قرأ المأموم الفاتحة مع الإمام، وفرغ قبله، فالأولى ألَّا يؤمن؛ حتى يؤمن مع الإمام.
وهل يجب على المأموم قراءة الفاتحة؟ نظر: إن كانت الصلاة صلاة سرٍّ، يجب، وإن كانت صلاة جهرٍ، ففيه قولان:
أحدهما: لا يقرأ، ويروى ذلك عن ابن عمر، وعروة بن الزبير؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا} الأعراف: 204 وهو قول الزهري، ومالك، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق.
والثاني: يجب أن يقرأ، والآية محمولة على الخطبة، والدليل عليه ما روى عبادة بن الصامت قال: كنا خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في صلاة الفجر فقرأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: "لعلكم تقرءون خلف إمامكن" قلنا: نعم يا رسول الله قال: "لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
وقال أبو حنيفة، والثوري: لا يقرأ المأموم؛ سواء جهر الإمام، أو أسر؛ يروى ذلك عن زيد بن ثابت، وجابر.
فإن قلنا: لا يقرأ المأموم إذا جهر الإمام، فلو كان بعيداً لا يسمع قراءة الإمام، أو كان أصم- هل يقرأ؟ فيه وجهان: