وعن أبي بكر أنه سجد حين بلغه فتحُ "اليمامة".
وسجد على حين بلغه قتل ذي الثّدية.
سجود الشكر سنة لنعمة تحدثن أو بليَّة تندفِعُ.
وعند أبي حنيفة بِدعة، والحديث حُجة عليه، ولا يشرع لجميع النِّعَم، لأن نعم الله متواترة لا تُحصى، بل لنعمة طال ما كان يرقبها أو بليَّة طال ما يتوقع انكشافها، أو رأى مبتلىً ببليَّة أو بمعصية، ولو أراد أن يصلي أو يتصدق شكراً فحسن، ثم إن كان يسجد لنعمة حدثت له من شفاء مريض، أو حدوث ولد، أو قدوم غائب، يجوز أن يظهره، وإن كان لبليَّة في غيره، ينظر فإن كانت به علة أو زمانةٌ يخفى السجود عنه حتى لا يضجر به المُبتلى، فيحمله ذلك على الكُفران، وإن لم يكن معذوراً بأن كان في فسق أو فجور، فيظهر السجود بين يديه لعله يحمله ذلك على التوبة.
ولا يجوز سجود الشُّكر في الصلاة، فلو فعل بطلت صلاته.
وإذا أراد أن يسجد يستقبل القِبلة، ويكبر، ويرفع يديه، ثم يكبر للهُوِيِّ، ثم يكبر فيرفع، ولا يتشهد وهل يسلم؟ فيه وجهان كما ذكرناه في سجود التلاوة.
ويسجد الرَّاكبُ في السَّفَرِ بالإيماء إلى الطريق، والماشي يسجد على الأرض مستقبل القبلة، ويشترط فيه الطهارة عن الحدث، وطهارة الثوب والمكان عن النجاسة، كما في سجود التلاوة. والله أعلم.
باب الصلاة بالنَّجاسة
قال الله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} المدثر: 4.
قد ذكرنا أن شرائط جواز الصلاة خمسة، وذكرنا حكم الطَّهارة عن الحدث، وستر العورة، والقِبلة، والوقت، ومن شرائطه طهارة البدن، والثوب، والمكان عن النَّجاسة، فلا خلاف أن القليل من دم البرغوث والقمل والبعوض، وما يخرج من بدن الإنسان من الدم والقيح والصديد يكون عفواً تصح الصلاة معه، سواء كان على بدنه، أو على ثوبه؛ لأن الإنسان قلّ ما يخلو عن بثرةٍ ببدنه يخرج منها شيءٌ.