وقيل: أراد أن الشيطان يدني رأسه من الشمس في هذه الساعات، حتى أن من سجد لها يكون ساجداً للشيطان، وإنما لا يجوز في هذه الأوقات فعل صلاة لا سبب لها.
أما مالها سببٌ مثل قضاء الفرائض وقضاء السُّنن، والأوراد التي فاتته، وصلاة الخسوف، وتحية المسجد، إن اتفق دخوله، وسجود التلاوة والشكر، فلا يكره، يروى ذلك عن علي وابن عباس وهو قول جماعة من أهل العلم، وقال أبو حنيفة الوقتان اللذان تعلَّق النهي فيهما بالفعل يجوز فيهما قضاء الفرائض، ولا يجوز غيرها، ولا يجوز في الأوقات الثلاثة صلاةٌ ما إلا عند غروب الشمس عصر يومه حتى قال: لو فاتت ركعتا الفجر لا يقضيها بعد فرض الصبح حتى ترتفع الشمس، وبه قال الثوري، والأوزاعي، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق.
والدليل على جوازه ما روي أن النبي- صلى الله عليه وسلم- دخل بيت أم سلمة بعد صلاة العصر، فصلى ركعتين، فسألته أم سلمة، فقال: "أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان.
وروي أن النبي- صلى الله عليه وسلم- رأى قيس بن فهد يصلي ركعتين بعد الصبح، فقال: "ما هاتان الركعتان" قال: إني لم أكن صليت ركعتي الفجر، فسكت النبي- صلى الله عليه وسلم-.
ولو شرع في هذه الأوقات في صلاة لا سبب لها، هل تنعقد؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا تنعقد لأنه منهي عنه، كما لو صام يوم العيد لا تصح.
والثاني: تنعقد؛ لأن هذه الأوقات قابلة للصلاة في الجملة، بخلاف يوم العيد، وكذلك لو نذر أن يصلّي في هذه الأوقات، هل ينعقد نذره على هذين الوجهين؟
فإن قلنا: ينعقد نذره يستحبّ أن يصلي في وقت آخر، كمن نذر أن يضحِّي بشاة،