القارئ بالأمِّي، وذلك إذا كان الإمام أرتَّ، وهو الذي يبدل الرَّاء بالتاء، أو ألثغَ، وهو الذي يبدل السين بالثاء، تصح صلاة من هو في مثل حاله خلفه.
ولو اقتدى بأحدهما من هو صحيح اللسان، أو الأرثّ مع الألثغ اقتدى أحدهما بالآخر، فهو كاقتداء القارئ بالأُمي؛ لأن كل واحد أمي في الحرف الذي لا يحسنه، ويكره إمامة التمتام والفأفاء، ولكن تصح الصلاة خلفهما؛ لأنهما لا يبدلان حرفاً بآخر، وهل يجوز اقتداء القارئ بالأمي؟ فيه قولان:
أصحهما: وبه قال أبو حنيفة، وهو قوله الجديد- لا يصح؛ لأن الإمام ناقص، كما لو اقتدى رجل بامرأة لا تصح.
وقال في القديم: يجوز؛ لأن القراءة رُكن من أركان الصلاة، فيجوز للقادر عليه أن يقتدي بمن هو عاجز عنه كالقيام يجوز للقائم أن يقتدي بالقاعد.
ونعني بالأُمي من لا يحسن الفاتحة أو بعضها، وإن كان يحسن جميع القرآن سواها، وبالقارئ من يحسن الفاتحة وإن كان لا يحسن غيرها من القرآن، وهذا في أمي لا يطاوعه ولكن لم يأت عليه من الزمان ما يمكنه فيه التَّعلُّم، وإن مضى عليه زمان إمكان التعلُّم، فلم يتعلم عليه أن يصلي لحقِّ الوقت، ولا يصح الاقتداء به؛ لأن صلاته بشرط الإعادة كالمقيم إذا لم يجد ماء، فصلّى بالتراب أو من لم يجد ماءً ولا تراباً فصلى لحقِّ الوقت لا يصح الصلاة خلفه.
ولو أن رجلين كل واحد منهما يحسن نصف الفاتحة اقتدى أحدهما بالآخر، هل تصح صلاة المأموم؟ نظر إن كان كل واحد يحسن ما يحسن صاحبه يصح الاقتداء، وإن كان أحدهما يُحسن النصف الأول والآخر النصف الآخر، فلا يصح على أصحِّ القولين.
ولا يصح اقتداء الرجل بالمرأة لنقصان المرأة قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "ألا لا تؤمَّنَّ امرأة رجلاً ولا أعرابي مهاجراً".