وأتم، إلا أن الصوم أفضل من الفطر إذا كان لا يجهده الصوم.
أما الصلاة ففيها قولان:
أحدهما: إتمامها أفضل كالصوم.
والثاني: وهو الأصح القصر أفضل؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم- "فاقبلوا صدقته" ولأن فيه قبول الرخصة مع فراغ الذمة، بخلاف الصوم، فإنه إذا أفطر تبقى ذمته مشغولة بالقضاء، وغسل الرِّجل أفضل من المسح على الخف؛ لأن المسح على الخف بدل، والإتيان بالأصل أولى، كما لو وجد في السفر ما يباع بأكثر من ثمن المثل، له أن يصلي بالتيمم، فلو اشترى الماء وتوضأ كان أفضل.
وقال أكثر أهل العلم: القصر واجب في السفر لا يجوز الإتمام، وهو قول عمر، وعليّ، وابن عمر، وابن عباس، وبه قال مالك، وأبو حنيفة- أن فرض المسافر ركعتان، حتى لو صلَّى أربعاً لا تصح صلاته.
وعند أبي حنيفة: إن لم يقعد في الثانية بطلت، وإن قعد فالأخريان نفل.
قال الشافعي: وأكره ترك القصر رغبة عن السُّنة، أراد به إذا كان يجد الرجل في نفسه من القصر، كراهية، فيواظب على الإتمام، يكره له الإتمام، وكذلك المسح على الخفَّين، وسائر الرخص إذا كان يثقل عليه، فالأولى أن يأخذ بالرخصة حتى تزول عنه تلك الكراهية، ثم إن شاء أخذ بالعزيمة، ولا يجوز القصر إلا في صلاة الظهر والعصر والعشاء بردّها إلى ركعتين، أما صلاة الصبح والمغرب، فلا يقصران؛ لأنه لم يرد به الشرع.
والمقيم إذا نوى السفر يصير مسافراً لمجرد النية، ولا يجوز له أن يترخص حتى يخرُج؛ لأن الله- تعالى قال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ} النساء: 101 علق جواز القصر على الضرب في الأرض، بخلاف المسافر إذا نوى الإقامة في موضع الإقامة يصير مقيماً، وإن لم يمسك عن المشي؛ لأن الأصل في الإنسان الإقامة، فيعود إليها بمجرد النيَّة، والسفر عارض لا يثبت حكمه إلا وجود فعل السفر، نظيره مال القُنُية لا يصير للتجارة بالنيَّة حتى ينضم إليها التصرف، وينقطع حكم التجارة بمجرد نيَّة القُنْية.
ويجب أن ينوي الخروج إلى مسافةٍ يقصر فيها الصلاة، ويفارق بنيان البلد أو القرية