ولو مرض له قريب أو صِهرٌ، وكان منزولاً به، أو لم يكن منزولاً به، ولكن ليس له متعهد، جاز له ترك الجمعة.
روي عن ابن عمر- رضي الله عنه- يستجمر للجمعة فدعى لسعيد بن زيد وهو يموت، فأتاه وترك الجمعة، وكذلك الأجنبي إذا كان منزولاً به، أو لا متعهد له، جاز ترك الجمعة له؛ لأنه لا يجوز تضييعه.
فأما إذا لم يكن منزولاً به، وله متعهد غيره، لكن المريض يستأنس به، فإن كان أجنبياً لا يجوز ترك الجمعة به، وإن كان قريباً جاز.
والناس في الجمعة على أربعة أقسام: قسم يجب عليهم حضور الجمعة، ويكمل بهم العدد، وهم الأحرار، العاقلون، البالغون، الذكور، المستوطنون، الذين لا عذر لهم، ولو لم يحضروا عصوا. وقسم لا يجب عليهم حضورها، ولو حضروها وصلوا الجمعة، سقط الفرض عنهم، ولكن لا يكمل بهم العدد، وهم العبيد، والنسوان، والصبيان، والمسافرون، والخنثى المشكل كالمرأة ومن بعضه حر كالعبد.
وقسم يجب عليهم حضورها، ولا يكمل بهم العدد، وهم غير المستوطنين مثل المسافر الذي نوى إقامة أربع وأهل الخيام الذي يبلغهم نداء أهل البلد وأهل القرى الذين انتقصوا عن الأربعين، ويبلغهم نداء البلد.
فأما الغريب الذي طال مقامه في بلد، وفي عزمه الرجوع إلى بلده كالمتفقِّه والبحَّار، عليهم حضور الجمعة، وهل يكمل بهم العدد؟ فيه وجهان:
قال ابن أبي هريرة: يكمل بهم العدد؛ لأنهم مقيمون.
والثاني: وهو الأصح قاله أبو إسحاق- لا يكمل بهم؛ لأنهم غير متوطِّنين.
وقسم لا يجب عليهم حضورها، ولو حضروا تمّ بهم العدد، وهم المريض، والممرض، ومن له عذر، وكل هؤلاء لو حضروا الجامع، وصلوا الجمعة، سقط الفرض عنهم.
وكل من لا يجب عليه حضور الجمعة، فإذا حضر لا يفترض عليه الجمعة، بل له أن يصلي الظهر إلا المريض، والممرض، والمعذور، فإنه إذا حضرها تجب عليه الجمعة؛ لأن المانع من وجوبها عليه لخوف المشقة بحضورها، فإذا تحمل المشقة، وحضرها زالت