فإن قلنا: الإنصات واجب لا يجوز رد السلام باللسان، ولا تشميت العاطس. ويستحب أن يرد السلام بالإشارة.
وإن قلنا: الإنصات سُنة يجوز رد السلام، وتشميت العاطس، وهل يجب رد السلام؟ فيه وجهان:
أصحهما: يجب؛ لأنه فرض، والإنصات سُنَّة.
والثاني: لا يجب؛ لأن المسلم ضيَّع حظَّ نفسه، حيث سلم في غير موضعه، كما لو سلم على من يقضي حاجته.
وهل يستحب تشميت العاطس؟ فعلى هذين الوجهين.
ولو رأى رجلاً يقع في بئر أو عقرباً يذب عنه لم يحرم كلامه قولاً واحداً؛ لأن الإنذار يجب لحقّ الآدمي، والإنصات لحقِّ الله تعالى، ومبناه على المُساهلة.
ويجب على الإمام أن يخطب قائماً خطبتين، مستقبل الناس يجلس بينهما جلسة خفيفة قدر قراءة "قل: هو الله أحدٌ، والقيام فيهما فرض، إلا أن يعجز، فيخطب قاعداً، كما في الصلاة، والقعود بينهما فرض إذا خطب قائماً، وإذا خطب قاعداً لعجز لا يجب أن ينام بين الخطبتين، بل يسكت قليلاً، وإذا عجز عن القعود خطب مضطجعاً.
وعند أبي حنيفة يجوز أن يخطب قاعداً مع القدرة على القيام، وكان القاضي- رحمه الله- يقول: يجب أن ينوي الخُطبة وفرضيتها؛ لأنها فريضة كالصلاة.
ولو خطب مستقبل القِبلة تحسب قبلته، وهل يشترط الطهارة عن الحدث في الخطبة، وطهارة البدن والثوب والمكان عن النجاسة وسترُ العورة؟ فيه قولان:
أصحهما: وهو قوله الجديد يشترط؛ لأنها بدل عن ركعتين كالصلاة.
وقال في القديم: لا يشترط، كما لا يشترط فيها استقبال القِبلة.
ولو خطب جُنُباً لا تحسب قولاً واحداً؛ لأن قراءة القرآن فيها شرط، ولا تحسب قراءة الجُنُب، وهل يحرم الكلام فيها؟ فيها وجهان:
الأصح لا يحرم؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- كلَّم سُليكاً الغطفاني.
وهل يشترط التتابع؟ فيه قولان.
في الجديد، وهو المذهب: يشترط حتى لو طال فيه الكلام، واشتغل بشيء آخر