ولو دفع إلى الفقير ولم ينو لم يجز، كذلك إذا دفع إلى نائبه. ولو امتنع رب المال عن أداء الزكاة، فللإمام أن يأخذها منه كرهاً. ثم إن نوى رب المال حالة أخذه، سقط عنه الفرض؛ ظاهراً وباطناً؛ وإن لم ينو رب المال؛ نر؛ إن نوى الإمام يسقط عنه الفرض ظاهراً؛ حتى لا يبنى عليه. وهل يسقط في الباطن؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يسقط؛ لأنه لم ينو، والباقي سقط، ونية الإمام تقوم مقام نيته؛ كنية الولي في إخراج زكاة اليتيم تقوم مقام نية المالك. وإن لم ينو واحد منهما لم يسقط الفرض عنه في الباطن، وهل يسقط في الظاهر؟ فيه وجهان.
وكذلك المتغلبون كأهل البغي والخوارج إذا أخذوا الزكاة العشر كرهاً، لا تجوز في الظاهر، وهل تسقط في الباطن؟ وفيه وجهان؛ كالإمام يأخذ من الممتنع.
أما المساكين إذا أخذوا الزكاة من رب المال قهراً عند امتناعه، لا يسقط الفرض عنه؛ لأنهم ليس لهم ولاية القهر. ولو كان ماله غائباً مثلاً: مائتا درهم، فأخرج خمسة، أو أربعون شاة؛ فأخرج شاة، فقال: إن كان مالي سالماً فهذا زكاته، وإلا فهو تطوع، فن كان سالماً جاز عن زكاته، وإلا كان تطوعاً؛ لأن إخراج الزكاة عن الغائب هذا يكون. وإن لم يقله؛ حتى لو أخرج خمسة عن ماله الغائب، فبان ماله تالفاً كان تطوعاً، ولا استرداد له، إلا أن يشترط؛ فيقول: إن كان مالي سالماً فهذه زكاته، وإلا فأرجع، فإن بان تالفاً له الرجوع؛ كمن أعتق رقبة عن كفارته، ثم ظهر به عيب يمنع الجواز عن الكفارة لا يرد العتق. فإن شرط؛ فقال: أعتقه عن كفارتي جاز، وإلا فهو رقيق؛ فظهر به عيب يمنع الجواز عن الكفارة- كان رقيقاً. أما إذا أخرج خمسة؛ فقال: هذه زكاة مالي الغائب؛ إن كان سالماً، أو نافلة؛ فبان سالماً - لم يجز عن الكفارة؛ لأنه لم يجزم النية، بل رددها بين الفرض والتطوع.
ولا يجب تعيين النية في الزكاة؛ حتى لو كان نصابان من المال: أحدهما حاضر، والآخر غائب؛ مثل: أن ملك أربع مائة درهم مائتان حاضرتان، ومائتان غائبتان؛ فأخرج خمسة دراهم عن أحدهما، ولم يعين، ثم أخرج خمسة أخرى - جاز. وكذلك لو ملك أربعين شاة، وخمساً من الإبل؛ فأخرج شاتين بنية الزكاة، ولم يعين - جاز.
ولو أخرج خمسة وقال: هذا عن مالي الغائب إن كان قائماً، وألا حق الحاضر، فإن كان الغائب قائماً وقع عنه، وألا وقع عن الحاضر.
ولو أخرج خمسة مطلقاً، ثم بان تلف أحد المالين، أو تلف بعده - له أن يحتسبها عن الآخر. ولو عين عن أحد المالين، ثم بان تلفه، لم يكن له صرفه إلى الآخر.