وإن ادعى نقصاناً فاحشاً لا يقع بمثله الغلط؛ كالثلث والربع - لا يقبل، ويحط عنه القدرُ المحتمل؛ على أصح القولين.
وقيل: لايحط؛ دعواه محال.
ولو ادعى بعد الكيل غلطاً في الخرص يسيراً بقدر ما يقع بين الكيلين - فهل يحط؟ فيه وجهان:
أصحهما: يحط؛ لأن الكيل يقين، والخرص تخمين، والإحالة على الخرص أولى.
والثاني: لا يحط؛ لاحتمال أنه وقع في الكيل، ولعله لو كيل ثانياً وفي؛ كما لو اشترى حنطة مكايلة، وباعها مكايلة، فانتقص بقدر ما يقع بين الكيلين -لا يرجع على الأول؛ لأنه كما احتمل أنه لنقص في الأول، احتمل أنه لزيادة في الثاني.
ولو أن رب المال أهلك الثمرة قبل الجفاف، أو أكلها؛ نظر: إن فعل قبل بُدُو الصلاح، فلا زكاة عليه، إلا أنه إن قصد به الفرار من الصدقة كُره، وإن لم يقصد الفرار، بل أراد الأكل والإطعام، أو التخفيف عن الشجرة - فلا يكره. وإن فعل بعد بُدُو الصلاح، ضمن حق المساكين. ثم ينظر إن كان بعد الخرص: فإن قلنا: الخرص تضمين، ضمن عشرة للمساكين تمراً، وإن قلنا: الخرص غيره، ضمن قيمة عشرة رطباً.
وإن كان قبل الخرص، ضمن قيمة عشرة رطباً قولاً واحداً؛ لأن قبل الخرص لا يصير التمر في ذمته للمساكين، وعُزر على هذا الاستهلاك إن كان عالماً.
وقيل: إذا قلنا: الخرص تضمين، يجب عشرة تمراً؛ ل، الثمرة لما بدا صلاحها فإذا تلف، فهو الذي منع الخرص؛ فصار كما لو أتلفه بعد الخرص.
فأما إذا كان رطباً لا يصير تمراً؛ فأتلفه بعد الخرص أو قبله - يجب قيمة عشرة رطباً قولاً واحداً؛ لأنه ليس له حالة جفاف؛ حتى نوجب التمر.
ولو أصاب حائطه عطش يعلم أنه لو ترك الثمرة على الشجرة احتلبت ماءها وضربها في قابل فله قطع الثمرة؛ لأن المساكين إن تضرروا به في الحال، انتفعوا في قابل. ثم المستحب أن يخبر الإمام؛ حتى يبعث من يقطع بمحضره؛ فيكون نائباً عن المساكين؛ لأن الثمرة مشتركة بينه وبين المساكين، ثم يأخذ حق المساكين.
ثم قال الشافعي: ويؤخذ ثمن عشرها، أو عشرها مقطوعة: فمن أصحابنا من قال: يتخير الإمام بينهما؛ فيختار باجتهاده ما هو أنفع للمساكين. ومنهم من قال وهو الأصح-: