كالمسبوق إذا أدرك الإمام بعد ما رفع رأسه من الركوع، لا يكون مدركاً للركعة؛ لأنه فاته معظم الركعة.
وإذا نوى صوم التطوع بالنهار، رفعن أي وقت يصير صائماً؟ فيه وجهان:
أحدهما: من وقت النية؛ لأن العبادة لا تسبق النية.
والثاني- وعليه الأكثرون -: من أول النهار؛ لأن صوم بعض النهار لا يصح. وعلى الوجهين جميعاً إن كان قد جامع في أول النهار ثم نوى، لا يصح صومه؛ لأن الإمساك من أول النهار شرط. فإن جعلناه صائماً من وقت النية؛ كصلاة الجمعة انعقادها بالشروع فيها، ويشترط تقدم الخطبة عليها؛ ليصح شروعه في الصلاة.
ولا يصح نية صوم الغد قبل غروب الشمس، وبعده يجوز في جميع الليل؛ بخلاف الصلا يشترط أن يقرن النية بالتكبير؛ لأنه لا يشق عليه ذلك، والشروع في الصوم يحصل بطلوع الفجر، ويشق عليه مراعاة طلوع الفجر؛ حتى يقرن به النية.
ولو نوى بالليل، ثم أكل بعده، أو شربن أو جامع - لا تبطل نيته؛ لأن هذه الأفعال تُضاد الصوم، ولاتضاد النية. ويجب أن ينوي في كل ليلة من رمضان صوم الغد، وكذلك في الكفارة.
وعند مالك: لو نوى في الليلة الأولى صوم جميع الشهر، أو في الكفارة نوى في الليلة الأولى صوم الشهرين - جاز.
قلنا: صوم كل يوم عبادة على حدة؛ لأنه يتخلل اليومين زمان يُضاد الصوم؛ وهو زمان الليل؛ كالصلاتين يتخللهما الصيام؛ فلابد لكل واحد من نية جديدة.
ويجوز صوم التطوع بنية مطلقة، أما صوم الفرض يجب فيه تعيين النية؛ فيقول بقلبه: نويت أن أصوم غداً من فرض هذا الشهر، فإن قال: نويت أن أصوم غداً من الفرض، أو من فرض رمضان - ففيه وجهان:
أصحهما: لا يجوز؛ لأنه لم يعين هذا الشهر.
وقيل: يجوز؛ لأن هذا الشهر لا يقبل غير فريضة.
ولو قال: نويت أن أصوم غداً من رمضان هذا الشهر، فوجهان:
أصحهما: لا يجوز؛ لأنه لم ينو الفرض، ولو نوى في رمضان أن يصوم غداً عن نذر أو قضاء كفارة أو تطوع - لم يصح؛ لا عن رمضان، ولا عن ما نوى؛ مسافراً كان، أو مقيماً.